في مثل هذا اليوم من رمضان الماضي، وحتى اليوم الأول من رمضان الحالي، لم يحدث شيء، لم يتغير علينا أمر ما والحمد لله، الزمن يقف عند حدود الدولة، حدثت بعض الأمور العادية، قد تكون غير عادية عند بعض أو كثير من الناس، لكنها أمور ثابتة تحدث كل سنة في مثل هذا اليوم، ويحدث غيرها في أيام أخرى. عندنا، هنا في مركز الكون في مكان “بغ بانغ” أي الانفجار الكبير، الذي ربما صار في منطقة النويصيب أو جواخير كبد، أو أي مكان قرب مجلس الوزراء أو مجلس الأمة، أو قرب أي ردهة من ردهات وزارات ومؤسسات الدولة وُلِد الزمان أو المكان، لا يهم الفرق بين الاثنين أي الزمان والمكان، ما يهم هو أن الولادة بحد ذاتها كانت طبيعية. وحدث الوجود الكويتي قبل وجود العالم، ومنذ ذلك اليوم، وهو لم يكن يوماً أبداً، مثلما لم يكن هناك مكان، وإذا كتبت كلمتي زمان ومكان فأنا لا أعرف كيف أصف الحدث بغير هاتين الكلمتين، فقد تم تلقيني إياهما في طفولتي بزمن لا أذكره، مثلما يتم تلقيننا بكلمات كثيرة، وبكل ما ندركه في البيت أو المدرسة الرسمية أو مدرسة الحياة، تصبح الكلمات في وعينا ولا وعينا حقائق، لا يمكن الجدال حولها… تشكل عقولنا وذواتنا.
لا يهم ما حدث خلال العام الذي مضى من أول يوم من رمضان الماضي وحتي اليوم، ففي الحقيقة، لم يحدث شيء مثلما ذكرت، طبعاً، الزمن يجري، هم يقولون هذا، بينما أعتقد أن الزمن واقف لا يتحرك عندنا، فنحن نختلف عن الآخرين وجحيمهم، فحتى عبارات التهنئة بـ”الوتس آب” “مبارك عليك الشهر، وكل عام وأنت بخير”، هي العبارات ذاتها التي نتلقاها من الأصدقاء كل سنة في مثل هذا اليوم، لم يحدث شيء ولم يكن من المفروض أن يحدث، إذن التاريخ يعيد نفسه بتهنئات ومباركات في مثل هذا اليوم كل سنة بصرف النظر عما قاله ماركس الذي لم يعرف الكويت وجاراتها الجميلات، ومثلما نعيد عبارات “عظم الله أجركم، وبالمبارك” في مناسبة وفاة أو زواج! أيضاً لا فرق بين المناسبتين، ففي كلتيهما نقف في صفوف رجالية منتظمة بقاعة احتفالات أو في مقبرة، ثم نصل إلى الدور، ونعزي أو نبارك… وننصرف إلى شؤوننا، وهي بكل الأحوال ليست مهمة… ونمضي نحن بينما الزمن واقف.
لنحاول، من جديد، أن نفكر في حدث جديد، تم خلال السنة الماضية (أذكركم بأن الزمن واقف هنا عند حدودنا)، ناس ماتوا وناس تزوجوا أو طلقوا، أيضاً لا فرق، سيزيف يدفع صخرة الزمن إلى قمة التل، ثم تتدحرج بجاذبية الأرض إلى الأسفل، لم ييأس، مثلما لا نيأس من أمل بأن جديداً سيحدث لو شاركنا في الانتخابات بصوت واحد، أو لم نشارك، فالسلطة تعرف ما هو أفضل لصالحنا وصالح هذا الزمن، ولا يهم إن شاركنا أو لم نشارك، فالحكومة هي الحكومة، والمجلس هو المجلس، والشعب هو الشعب، والكويت هي الكويت، لا شيء يتغير، انخسف سعر برميل النفط، أو ارتفع، أو تجمد، الأمور بخير والحمد لله، تسير حسب الأصول، لم يتغير علينا أمر، ولم يحدث شيء، ناس ماتوا وقُتِلوا، غرِقوا في البحر، تشردوا، لم يحدث هذا هنا في مثلث الزمن الكويتي الواقف، حدث ما سبق في عالم خارج حدودنا، بينما عندنا لا يوجد زمن يتقدم، وبالتالي لا يوجد حدث… الحمد لله، افتحوا “واتس آب” و”سفن اب” و”تويتر” و”فيسبوك”، اقرأوا وتزودوا بعلوم “كل عام وأنتم بخير، ومبارك عليكم الشهر”.