“نحن كمسلمين يجب أن نقف في وجه أولئك الذين يستخدمون الإسلام لدفع أجندتهم الشخصية الخاصة بهم”، قال الراحل محمد علي كلاي في تصريح لشبكةNBC News “لقد نفروا الكثيرين من التعرف على الإسلام، المسلمون الحقيقيون يعرفون، أو ينبغي أن يعلموا أن محاولة إجبار الناس على الإسلام يخالف ديننا.. وأعتقد أن قادتنا السياسيين يجب أن يستخدموا مواقعهم لتحقيق التفاهم حول دين الإسلام، وتوضيح أن هؤلاء القتلة المضللين يحرفون وجهات نظر الناس عما هو الإسلام حقا عليه.. أنا مسلم ولا يوجد شيء يمت للإسلام في قتل أناس أبرياء في باريس وسان برناردينو أو أي مكان آخر في العالم، المسلمون الحقيقيون يعرفون أن العنف الوحشي لمن يطلق عليهم “الجهاديين الإسلاميين” يتعارض مع صميم مبادئ ديننا”.
“الأعظم” محمد علي كلاي كما يطلق عليه The Greatest، فضلا عن كونه أسطورة رياضية وكاريزما نادرة، كان قوة سياسية جبارة. هكذا يشهد له كثير من السياسيين والإعلاميين الأمريكيين. وقد غطت الصحافة العالمية خبر وفاته بكثافة كبيرة، وخصصت الصحف والمجلات الأمريكية أعدادها الأخيرة حول محمد علي كلاي وجنازته الجمعة القادم في مسقط رأسه.. “كان ذلك الابن الضال الذي أدانه مجلس بلدية مدينته في لويزفيل بولاية كنتاكي، لكن بعد سنوات قليلة أطلق اسمه تكريما له على شارع رئيس، واليوم على متحف”. وقد سجل محمد علي ذكرياته حول الظلم والعنصرية ضد السود، في كتاب سيرته الذاتية “روح الفراشة”. وكان رفضه الخدمة العسكرية في حرب فيتنام عام 1967 قد عرضه للحرمان من رخصة الملاكمة ومن لقب بطل، إضافة إلى الإدانة التي رفعتها عنه المحكمة العليا عام 1971. وقد أعلن أن عقيدته الإسلامية لا تنسجم مع التزامات الجنود في تلك الحرب، وأنه لا يستطيع أن يجرح أو يقتل أناسا لا معرفة له بهم، أناسا لم يتسببوا له ولا لبلده بأي ضرر، مضيفا أن تلك ليست المهمة التي وضعها الله على عاتقه. وكشف كلاي أن الإدارة السياسية الأمريكية حاولت إقناعه بشتى الوسائل منها أنهم وعدوه بأنه لن يحمل مسدسا في يده بتاتا، وأنه لن يقترب مطلقا من المناطق الساخنة، إلا أنه لم يتخل عن قراره، وذلك لاعتقاده أن الإدارة الأمريكية كانت تريد استغلاله للدعاية للحرب.
فلسفة “البطل” محمد علي كلاي في الحياة فلسفة إنسانية نبيلة، جعلته يقف إلى جانب القضايا العادلة، ضد التمييز العنصري والحروب والفقر والعنف والكراهية، بصفته صاحب رؤية سياسية منحازة للسلم ومستقبل أفضل للبشرية. كان ولا يزال محمد علي كلاي الذي يفخر به العالم الإسلامي كأيقونة جاهزة للفخر، محط احترام العالم أجمع، وفخر الأمريكيين أولا كمواطن أمريكي. والإسلام الذي يقدمه كلاي هو الإسلام المثالي لأمة تعتمد على هويتها الإسلامية أمام هذا الطوفان الفاضح من التطرف والتشدد والغلو والإرهاب والكراهية باسم الدين. في معنى أن يقدم ـــ فرد واحد ـــ من موقعه خدمة جليلة وصورة عالمية لامعة براقة، لا تستطيع أن تفعلها أكبر مؤسسات العلاقات العامة والجهود الدبلوماسية، أمام هذا الكم المخيف من الفضائح اليومية باسم الدين. هذه هي الرسائل التي خلفها محمد علي كلاي. إسلام محمد علي كلاي إسلام “إنساني” نقي غير سطحي بل مغمور بالمثل والمبادئ. وهي غالبا المشتركات “الإنسانية” التي تقوم عليها الأديان السماوية دون استخدامات سياسية وبشرية مشوهة.