في عام 2013 وبعد حل “مجلس علي الراشد”، وقبل انتخاب “المجلس الحالي”، اجتمعنا وناقشنا موضوع المشاركة والمقاطعة، فكان رأيي: “نشارك ولكن بالشبان” (لم أقل الصف الثاني ولا المنتخب الرديف، كما شاع). وقلت: “يمتنع الكبار والمخضرمون عن خوض الانتخابات، وندفع بالشبان، كفيصل اليحيى، وأمثاله، فنكون بذلك لم نرضِ السلطة، وفي الوقت نفسه لم نترك البرلمان للعابثين ونغب غياباً كاملاً”، وعللت رأيي: “أخشى أن نترك لهم الميدان كلياً مدة أربع سنوات، فيشرعون قوانين قمعية، ويكسرون زجاج الشبابيك، ويبيعون أثاث المنزل، فنندم بعد فوات الأوان (لم أتخيل وقتذاك أن يصل الأمر إلى سحب الجنسيات، والسجن الجماعي، وملاحقة الناس في وظائفهم وأرزاقهم)”. قلت ذلك فاختلف الجميع معي، وتباينت الآراء، فقررتُ أن ألتزم بأمرين اثنين، أولهما ألا أزايد على أحد في الديوانيات ووسائل الإعلام في حال صحت رؤيتي، والثاني ألا أشذ عن التوجه العام، بل سأقاتل دفاعاً عما يُجمع عليه المعارضون وكأنه رأيي الخاص، كي لا يظهر أي انشقاق في الصف. وهذا ما حصل بالفعل، إلى درجة أنني صدقت نفسي بأنني مقتنع بالمقاطعة الشاملة.
أقول كلامي هذا الآن لأكشف رأيي الخاص، القديم المتجدد؛ إذ ما زلت مع ترشيح الشبان ذوي السمعة الحسنة، ودعمهم… ولهذا فوائد، سأذكرها بإيجاز:
١- تقليل الخسائر، عبر تقليل عدد النواب الفاسدين الذين سيحل محلهم نواب صالحون.
٢- بعد أن تم فضح الكذبة الكبرى “المعارضة سبب تخلف البلد”، وباعتراف أنصار الحكومة، وبعد أن تحول الشعب إلى شاهد عيان على تغول الفساد وازدياده، وجَبت المسارعة، فوراً، إلى إيقاف ولو جزء قليل من عبث السلطة عبر المشاركة، فالمقاطعة إن زادت أكثر من هذا الحد ستكون وبالاً يصعب علاجه.
٣- الاطلاع على ما يدور في مطابخ المجلس، أو لجانه، ومحاولة إيقاف الألاعيب عبر كشفها للشعب، وفضح المتلاعبين بالاسم.
٤- محاولة تحريك ملفات الجنسيات والمطاردات وسجناء الرأي، بدلاً من تركها تحت الغبار، عبر تفعيل أدوات النائب. فإن تمت عرقلة النائب، وهذا المتوقع، فلتُفضح الضباع التي تظهر في المشهد في جلود الغزلان الوديعة، وأظن أن هذه الضباع ستحرص على عدم انكشاف أمرها، فتضطر بالتالي إلى قبول بعض التنازلات، التي تخدم البلد والناس.
٥- الاستفادة من تحصين قبة عبدالله السالم لكشف فساد كبار المسؤولين.
٦- تشكيل لوبي إصلاحي يمكنه “التفاوض”، استناداً إلى عدد نوابه، في بعض الأمور لمصلحة الشعب.
لكن في مقابل كل ذلك، وعندما أدقق النظر في المشهد عن بُعد، تتضح لي هزلية الأمر، وتتبين لي الكذبة الكبرى “الكويت ديمقراطية”، في حين أن ديمقراطيتنا “شم ولا تذوق”، كما قال الفنان وديع الصافي.
ولن أخالف من يقول: سيتم حل البرلمان إن وصل إلى خمسة عشر معارضاً أو أكثر، فالمطلوب “تكحيل” المشهد بالمعارضة، لا “تفعيله”.
ومع هذا أرى أن المشاركة بهذه الطريقة هي الأنجع والأفضل. وكما قال الشاب الأحمر، محمد جاسر: الشرفاء “يترامخون” فكرياً، هذه الأيام، حول موضوع المقاطعة والمشاركة، وما أجمل مرامخة الشرفاء.