جاء الشاب الأسمراني الفارع الطول، باراك أوباما، من أقصى الأرض، إلى منطقة الخليج العربي، أو الخليج النفطي، كما في خرائط أذهان الإدارة الأميركية. جاء ولم تكن يداه فارغتين. جاء وفي يديه ثلاثة «أكياس» من الفاشوش الطازج، وستة «كراتين» من الفاشوش المدهون بالشوكولاتة الفاخرة، وأربع علب من الفاشوش النباتي، وخمس زجاجات من الفاشوش الأورغانيك (العضوي).. كثّر خيره.
لكن الخليجيين، للأسف، ألزموه بدفع قيمة جمارك هذا الفاشوش، وأعادوه إليه. ولا حول ولا قوة إلا بالله. فالإحسان يُجزى بالإحسان، والفاشوش يُجزى بالجمارك. بحسب العقلية الجديدة لدول الخليج.
ويبدو أن الخليجيين أسمعوا أوباما أغنية «لا تكذبي» التي غنّاها العندليب عبدالحليم، وقال فيها الشاعر المبدع كامل الشناوي، مخاطباً أميركا، مذكّرها بعلاقتها الخفية مع إيران، رغم ادعائها عشق دول الخليج العربي: «لا تكذبي.. إني رأيتكما معا، ودعي البكاء فقد كرهتُ الأدمعا/ ما أهون الدمع الجسور إذا جرى، من عين كاذبة فأنكر وادعى..».
جاء أوباما إلى دول الخليج العربي مسبلاً عينيه، راسماً ابتسامة العشاق على شفتيه ووجنتيه، حاملاً فاشوشه الفاخر في يديه، متوهماً أن العقليات التي سيناقشها هي ذات العقليات التي كان يعرفها، فوجد جفاءً وصدوداً وتجهماً، فاضطر إلى كشف التفاصيل السرية لعلاقته بإيران، ووضعها على الطاولة، بعد أن كان يقطب حاجبيه لها في الملأ، ويحتضنها عندما يحل الظلام.
ولعل أوباما، أثناء كتابة مذكراته، بعد انتهاء ولايته، كعادة الرؤساء الأميركان، يتحدث بصدق عما يمكن نشره عن سر الانقلاب الحاد في علاقته مع إيران، والأسباب التي دعته إلى تفضيلها على علاقته بدول الخليج. أقول لعله يتحدث بصدق، لا كما تحدث جورج بوش الأب، الذي أراد أن يبعد المسؤولية عن ابنه جورج دبليو بوش، الذي ارتكب موبقات لا حصر لها ولا خصر، فادعى (الأب) أن كل هذه الأخطاء لم تكن مسؤولية ابنه، بل حدثت بتأثير من دونالد رامسفيلد و«الرجل الخطر» ديك تشيني! اسم الله على حبيب ماما وبابا.
عموماً، سننتظر ونقرأ، لكن قبل ذلك، لعلنا نستمر في تقطيب حواجبنا، وإلزام بائعي الفاشوش دفع قيمة الجمارك والعودة ببضائعهم.