دعونا نتساءل قليلا لماذا كلما انعقدت قمة عربية أو مباحثات جانبية أو اجتماعات دورية لمجلس دول التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية لبحث موضوع ما ، تطرق القادة إلى دور إيران الخبيث وإرهابها اللامحدود وتدخلاتها السافرة والمعيبة في حق دول الخليج العربي والدول العربية ، كأن هناك ” ثأر قديم ” بين إيران والدول العربية في العصر الحديث ، نعم فنحن على يقين تام بأن مواجهة إيران أصبحت ضرورية ، ولكن ليس على حساب قضايا الأمة العربية الأخرى ، والأهم من ذلك يجب على قادة دول العالم العربي والإسلامي أن يتطرقوا ويضعوا الحلول السريعة والفعالة في كيفية مواجهة الإرهاب الإسرائيلي والأمريكي الذي هيمن على عالمنا العربي والإسلامي منذ الأزل وبشكل لا يمكن السكوت عنه ، وذلك من خلال زرع الفتن الطائفية والمذهبية بين المسلمين وتطبيق الخطط والمؤامرات للتقريب بين الشق العربي والإسرائيلي ، وعليه لا بد من قادة دول الأنظمة العربية التوحد بصف واحد والقضاء على جميع الأذرع الخبيثة التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة العربية برمتها ومن ضمنها إيران .
فالقضية ليست ثأر قديم أو انتقام أو صب الزيت على النار أو صراع بين السنة والشيعة كما يحاول البعض أن يقول ، وإنما القضية أبعد من ذلك بكثير إنها قضية ” شعوب عربية منهكة ” أصبحت تئن وتعاني من قمع أنظمتها الديكتاتورية ، وإن التصدي للنفوذ الإيراني يجب أن لا يكون على حساب معاناة ومأساة الشعوب العربية ، فكفانا مهاترات باستعمال ” فزاعة ” إيران في كل ما يحدث من قمع و ظلم في عالمنا العربي والإسلامي ، وذلك لتبرير تصرفات وأعمال بعض الأنظمة العربية الديكتاتورية في ارتكاب المزيد من أعمال القتل والقمع والتهجير في حق شعوبنا المنكوبة على أمرها ، وهذا إن دل يدل على ضعف و تردي الأنظمة ” الأمنية ” في عالمنا العربي والإسلامي في مواجهة التصدي للتدخلات الإيرانية السافرة على حسب ما يدعون .
والكل يعلم بأن الإرهاب لا دين له ، فأعمال الإرهاب التي تحدث وتحصل في بعض الدول العربية والإسلامية ، ما قامت إلا بسبب حرمان الشعوب من حقها في تولي زمام أمرها بنفسها ، بحيث أصبح الظلم منتشر والقمع طاغي والتعذيب ساري والقتل ممنهج والتهجير دائم .
فالارهاب يحدث في أي مكان وزمان ومثال على ذلك ما فعلته أمريكا من إرهاب فاق الحدود في العراق و أفغانستان واليابان و فيتنام ، وكذلك القمع والظلم التي أحدثته بحق السود وغيرهم من الزنوج والأفارقة من استبداد وقمع عنصري فاق وتعدى كل أنواع التعذيب البشري ، وكذلك ما قامت به فرنسا من مجازر وحشية خلال احتلالها للجزائر، وأيضا ما قام به الكيان الإسرائيلي من احتلال غاشم وتعذيب يومي ممنهج ، وإرهاب منظم بحق الشعب الفلسطيني ، ولا ننسى أيضا ما ارتكبه النظام السوري من مجازر وإبادات جماعية فاقت وتعدت كل القوانين المنصوص عليها في حقوق الإنسان ، فضلا عن ملايين الجرحى والمفقودين والمهجرين الذين لا يعلم بحالهم سوى الله ، ومرورا أيضا بالنظام الإنقلابي في مصر الذي اقترف المجازر تلو الأخرى في رابعة العدوية والنهضة والميادين العامة وممارساته الإرهابية في التعذيب والقتل والإعتقالات العشوائية ، وما فعله نظام بن علي في تونس ، ونظام القذافي في ليبيا ، ونظام حسني مبارك في مصر وغيرهم من الأنظمة المستبدة التي وصلت إلى سدة الحكم عن طريق جثث شعوبهم .
إذن فالقضية ليست إيران فقط ، فهناك احتلال غاشم يقبع على شعوبنا العربية والإسلامية ويجب مواجهته والإستعداد له بكل السبل المتاحة من خلال فرض ” آدمية ” وإحترام الإنسان العربي ونيل كرامته وحريته مهما تعالت واستبدت بعض أنظمتنا العربية .