حين يرتكب أي إنسان جنحة فمما لا شك فيه سوف يعاقب عليه قانونيا وينال عقوبته أما بالحبس المخفف أو الغرامة ، أما إذا أرتكب جناية فسوف يعاقب عليها وينال عقوبته أيضا أما بالسجن المؤبد أو المشدد أو بالإعدام ، فكلا الحالتين سوف يدخل من ارتكب جناية أو جنحة إلى السجن ، ويعاقب على فعلته وسيدفع ثمن ما ارتكبه من فعل ، ولكن المشكلة ليست في الجنحة أو الجناية ، فالمشلكة أكبر من ذلك ، فالمأساة والمعاناة تبدأ حين يدخل السجين وخاصة ” الإنسان العربي ” إلى رحلة عالم ” السجون العربية ” التي وللأسف غيبت عنها مصطلح ” الإنسانية ” وسلبت منها الحرية الشخصية ، وغابت عنها السيادة القانونية ، وانتهكت فيها كل معاني حقوق الإنسان ، فعند إذن تنتهك آدمية هذا السجين حتى لو كان بريئا ، فهو يدخل السجن وبإعتقاده بأنه سيخرج منه تائبا عفيفا وصالحا وسيعاد تأهليه ليصبح فردا عاملا في المجتمع ، ولكن للأسف ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، فسجوننا العربية مليئة بالقاذورات ، فهي صنعت للإهانة والذل والضرب والتعذيب ، وليس كما يدعي أغلب الساسة العرب بإنها صنعت للإصلاح والتهذيب ، حيث يفقد معظم نزلاء السجون العربية حقهم في الحرية والتعبير والكرامة ، ويمنعون من ممارسة متطلباتهم اليومية ، ويمارس عليهم أشد التحقيقات البوليسية المليئة بالشتم والضرب والإهانة ، وتفقد الإنسانية والرحمة ويصبح السجين أداة في يد السجان ، فحين إذن يتعامل معه ككائن أقل من ” الحيوان ” لأن معظم سجوننا العربية ما هي إلا ” حظائر للحيوانات ” .
ولا يخفي على أحد الأوضاع المزرية التي مر بها عالمنا العربي بعد سيناريو ما يسمى بثورات الربيع العربي حيث شيدت العديد من السجون السرية الغير قانونية لإحتجاز المعارضين ” السياسيين ” أو سجناء الرأي ، وهذه السجون أو بالمعنى الصحيح ” السجون المظلمة ” يخصص لها ميزانية مفتوحة التكاليف ” مدفوعة ” بأوامر من قادة الأنظمة القمعية في الدول العربية ، ويمارس فيها شتى أنواع التعذيب ويصل لغاية الموت ، وفي بعض الأحيان تمارس الإعدامات العشوائية والمجازر الوحشية الفضيعة ، ولا يسمح لأي رقابة قضائية أو قانونية بالإقتراب منها ، ولا يسمح أيضا لمنظمات حقوق الإنسان بزيارتها ، فعلا إنها سجون يطلق عليها الداخل فيها مفقود والخارج منها مولود .