يتساءل د. غانم النجار، في مقال الجريدة، عن “الجبنة الكبيرة”، التي ذكرت كرمز للفساد بالكويت في أوراق بنما، وهي التي نشرتها منظمة صحافية دولية بعد تسريب من مكتب محاماة في بنما، ويسأل غانم ما إذا كان من الممكن فتح تحقيق في مسألة “الجبنة” الكويتية أم أن “الحديث عن الفساد ضار بالأمن الوطني…؟!” طبعاً، من دون تفكير ولا تدبير الحديث عن الفساد ضار بالأمن، ومدمر للاقتصاد الوطني، بدليل الحالة التي تمر بها الدولة الآن، فلولا مثل تلك المانشيتات والافتتاحيات والمقالات الملتهبة بالصحافة الكويتية الحرة، لما وصلنا لهذه الحال، لكننا مستقرون مطمئنون مرتاحون، نردد صباحاً ومساء عبارة “شاربين ماكلين مو ناقصنا شي، وشنبي بعد”، مثلما يرددها أهل السويد والدنمارك، وهما الدولتان الأقل فساداً بالعالم، ولا يسبقهما غير “العراق المحرر”، ومعه عدد من دول الغبار العربي.
طبعاً الكارثة هي بصحافتنا “الحرة” وغياب القوانين التي تعاقب هذه الفوضى التي ينشرها الإعلاميون ملوك صفحات المجتمع، التي تنشر دائماً صور وجهاء المجتمع في أعراسهم، وتسليمهم أو تسلمهم جوائز العطاء والإنجاز العلمي والإنساني، والتي تتسابق وكالات الأنباء العالمية للحصول عليها من مؤسسة “استقبل وودع” الإعلامية، فلم يحدث أن تمت معاقبة كاتب ما أو ملاحقة مغرد عندنا، بحجة أننا دولة مؤسسات قانونية، والدولة الله يحفظها بشيوخها وحكمائها، الله يحفظهم معاً، يرفضون ولو بالتلميح المساس بكرامات الأشخاص أو نشر صور بعض الذين عبروا “بحمق” عن آرائهم بالإعلام، فالسلطة، للأسف، “لا تألو جهداً” بنشر قيم الحرية وتعميمها بالمجتمع، وتوبخ دائماً الكثيرين من الكتاب والإعلاميين الذين لا هم ولا عمل لديهم غير تدبيج كلمات المديح والإطراء لها بمناسبة ودون مناسبة أو حين يستقوون بها، وعندما يمارسون التحريض على متهمين أشرار تجاوزوا قوانين الحريات الإعلامية الكبرى بموطن الحريات الكويتي.
هي الصحافة الحرة، التي نشرت مرة بسلامة نية عن تحويلات وإيداعات لنواب سابقين بالسلطة التشريعية التي كان من مهماتها ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وصدقاتها وأريحيتها مع أهل التشريع، ومنذ تاريخ النشر إياه وما تبعه بعد ذلك من أحداث هزت التاريخ المغبر، و”عيونكم ماتشوف النور”، فتفجرت ينابيع الحريات لأصحاب الرأي بالقوانين والتشريعات الرائعة، وتم وبحمد الله تكريم العديد من النواب السابقين الذين تحدثوا عن الفساد، وأصبحت أسماؤهم تنور “رول” جلسات المحاكم، بين كل يوم وآخر… أكثر من هذا التكريم وملاحقتهم بأوسمة القضايا ماذا يريدون؟
أي جبنة فساد كويتية… نحن مع دولنا الشقيقة التي تتابع إعلامنا ونتابع إعلامهم بكل إخلاص، هنا بموئل حريات الضمير، لا نعرف الجبنة أو غير الجبنة من زبدة كلام صحافتنا الحرة… نحن لا نعرف غير مصانع الألبان المتنقلة في مؤسسات الدولة المتوارثة، والمسماة بمثل أسماء شوارعنا… أي مؤسسات غبشان وطفشان وغيرهما من الدائمين بالتوارث بفضل الله في مصانع “مشيني وامشيك للألبان الطازجة”.