استغرب كثير من المراقبين خطوة الكونغرس الاميركي بتقديم اقتراح وافقت عليه احدى لجانه لاصدار قرار يعتبر جماعة الاخوان المسلمين جماعة ارهابية! ووجه الغرابة ان «الاخوان المسلمين» جماعة تبنت النهج السلمي طوال مسيرتها منذ نشأتها عام 1928 على يد الإمام الشهيد حسن البنا، وانها رغم القمع الذي واجهته من عبدالناصر وزبانيته من حل للجماعة ومطاردات أمنية لكوادرها ومحاكمات صورية وسجون وتنكيل واعدامات بالجملة، فإنها حافظت على خطها الدعوي السلمي، ولم تقابل العنف بالعنف، مما اضطر النظام الى اختلاق حادثة المنشية لاستفزاز الجماعة وإضفاء الشرعية على قمعه لها!
طبعاً يستثنى من ذلك ثلاث حوادث فردية كردات فعل لبعض الشباب أيام حكم الخديوي وتخاذله عن نصرة فلسطين التي كانت تتعرض للاحتلال الصهيوني، ومع هذا أصدرت الجماعة وقتها بيانات تستنكر اسلوب العنف المقابل.
استمرت الجماعة في خطها السلمي وضربت أروع الأمثلة في ضبط النفس عندما تحركت الدبابات، وحصدت الآلاف من الارواح المعتصمة في ميدان رابعة، وأحرقت الناس أحياء في المستشفى الميداني، ولاحق رموز الجماعة وقياداتها وأودعوا السجن، وشكّلت لهم محاكمات صورية استنكرتها كل منظمات حقوق الانسان الدولية وجميع الدول الغربية المدعية للديموقراطية واحترام الحريات العامة بما فيها الولايات المتحدة الاميركية، وحاول بعض شبابها الخروج من عباءة السلمية التي لم يجدوا لها مبرراً بعد ما فعلته السلطة بجماعتهم، الا انهم ووجهوا بالرفض والاصرار على استمرار منهجهم السلمي، بحجة انه الاسلم في مواجهة العنف! فلم يؤثر عنها انها فجرت في الآمنين من الناس ولو كانوا كفاراً، ولم نسمع انها أعدمت خصومها أو روّعت المجتمعات المسالمة، أو أيدت جرائم الارهابيين بغض النظر عن هوياتهم وانتماءاتهم.
واليوم.. تأتي أميركا لتعلن في خطوة مفاجئة ان هذه الجماعة جماعة ارهابية (!!) وكأن الله تعالى يريد ان يسقط ورقة التوت عن هذا الجسد، ليظهر للعامة قبل الخاصة من القوم حقيقة الغرب وحجم افترائه على الحقيقة والواقع الذي يعيشه الناس كل يوم.
نحن نعلم جيداً ان اللوبي الصهيوني هو المسيطر على الكونغرس والسياسة الخارجية للبيت الابيض، وان مثل هذا الاعلان يهدف الى اعتبار «حماس» والتي تجاهد جهادا مشروعاً ضد الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين، ستصنف جماعة ارهابية يجوز للغرب محاربتها بعد ان عجزت دولة بني صهيون عن هزيمتها!
ندعو جميع دعاة حقوق الانسان وحماة الحريات في العالم الى استنكار مثل هذه الخطوة الغريبة، التي ستكون أول نتائجها مزيدا من العنف داخل المجتمعات الاسلامية والعربية وبداية للكفر بالمنهج السلمي الذي تبنته الجماعات الاسلامية المعتدلة، وأولها جماعة الاخوان المسلمين، وإسقاط كل حجج دعاة السلمية، ونشر التطرف بكل أشكاله، ولعل هذا ما يسعى اليه من يدعم هذا القرار!