آخر مره زرت فيها إيران كانت زمن الشاه السابق عام 1971، كانت طهران «العاصمة» قطعة صغيرة من لندن او باريس بشرط ان لاتبعد بسيارتك مسافة تزيد عن اربعة اوخمسة كيلومترات عن مركزها الرئيسي، عندها ستشاهد «الصومال عام 2016» او«رواندا» عام 1999 ولن تجد طريقا للعودة الى «لندن- الايرانية» أو« باريس _الفارسية» وسط مدن الصفيح وحزام الفقر.. هذا!! لم أزر ايران بعد الثورة _ ولن أشعر بالامن والآمان لو زرتها الآن _ لكنني قرأت عشرات الكتب الغربية «المترجمة» عنها وتابعت ماكتبه العشرات من الصحافيين والمثقفين والسياسيين العرب الذين زاروها عقب ذلك الزلزال الذي أحدثه «الخميني» عقب وصوله الى مطار «مهرباد» معلنا قيام جمهوريته «الإسلامية» الجديدة! أيضا، كنت مهتما بالأفلام الوثائقية التي بثتها مئات المحطات التلفزيونية عبر العالم، وكنت أحرص حتى علي التواصل مع عدد من الملحقيين الاعلاميين في سفارات تلك البلدان التي تبث وسائل إعلامها بعض منها وكانوا يعملون في سفارات بلدانهم في الكويت حتي اكتملت عندي صورة صغيرة جدا- ملخصة- يمكن وضعها في عنوان ومن ثلاث كلمات: «إيران والاسلام.. الشيوعي»!! إذا جمعت منظر تلك الصور العملاقة التي علقت على أسطح البنايات الصغيرة والعالية وعن جوانب الطرق الرئيسية وسط العاصمة وخارجها وتمثل شعارات سياسية مثل صورة امرأة فلاحة تمسك منجلا وزوجها العامل الذي يمسك بالمطرقة تعود بك الذاكرة الى رموز شعارات الثورة البلشفية التي اطاحت بحكم القياصرة في روسيا عام 1917 وابادت اسرة «رومانوف» الحاكمة!! وحين تطرق اذنيك شعارات تصدير الثورة الايرانية الذي جاء به الزعيم الخميني معه على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية التي أقلته من منفاه في «نوفيل لوشاتو» في باريس تسترجع دعم موسكو «البلشفية» لعقول الرفاق عبر الكرة الارضية، من بكين الي عدن، ومن بيروت الي نيكاراغوا، ومن جبال ظفار في جنوب سلطنة عمان الى هافانا – كوبا قرب نهاية .. الارض!! جاء «كارل ماركس» بصيغة «ياعمال العالم.. اتحدوا»، لم يقل العامل المسلم او العامل المسيحي او العامل الصوفي او العامل البوذي او الهندوسي… الي آخره! بل خاطب البشر مجردين من كل ما اكتسبوه لحظة ولادتهم دون ان يكون لارادتهم أثر.. فيها!! جاء «الخميني» بصيغة..«ياشيعة اليمن والكويت والسعودية والبحرين والعراق ولبنان وسوريا … اتحدوا»! لكنه لم يهتم كثيرا لشيعة باكستان وافغانستان وحتى داخل ايران ذاتها، فإن كان الشيعة في الكويت هم «ذراع من جسد» فقد اراد «الامام الراحل» ان يقطع هذه الذراع عن باقي الجسد! وان كان الشيعة هم الساق اليمني او اليسري في السعودية، فقد اراد الملالي قطعها عن باقي الجسد! وكذلك، لو كان شيعة البحرين هم «بؤبؤ العين اليسري او اليمنى» فقد عزموا على فقئها مرورا بذات الوسيلة في لبنان والعراق واليمن وسوريا وربما مصر لاحقا حتي تتحول الشعوب العربية الى «جموع معوقة وكسيحة وعوراء وعرجاء» وحتى صماء وبكماء لاتفقه من امور دنياها ومستقبلها …شيئا!! ماجاءت به الثورة الايرانية، ليس إسلاما وليس شيوعيا! ليس رأسمالية ولا اشتراكية! ليست ثورة فرنسية ولاثورة اميركية!! إنه «إسلام- شيوعي» جاء بطائرة فرنسية لتهبط على تراب امبراطورية فارسية قديمة مندثرة مازالت قياداتها تتمنى لو لم يعبر نور الاسلام حدودها ليطفئ.. نارها!!
***
آخر العمود:
اذا قيل يا بن الورد أقدم الى الوغى
أجبت فلاقاني كمين مقارعُ
فما شاب راسي من سنين تتابعت
طوال ولكن شيبتني الوقائعُ
عروة بن الورد
***
آخر… كلمة:
.. لاتصدق ثلاثة: «القصاب والمرأة و… والناخب»!!