أن تكون جاهلاً فهذا، وإن كان عيباً في الإنسان، إلا أن علاجه ممكن بالتعلم والمعرفة، ولكن أن تكون مغروراً فهذا مرض لا يُرجى برؤهُ، فكيف إذا اختلط الجهل والغرور في شخص؟!
في مقالتي الأخيرة في هذه الزاوية، تحدثت عن أحد «الرفقاء» الذي حاول أن يحيي الفكر الإلحادي بانتقاداته المستمرة للإسلام وعقائده، وباستمرار ثنائه على أعداء هذا الدين وخصومه من الزنادقة وبعض اليهود والنصارى، لدرجة مدحه لحقوق الإنسان في إسرائيل أثناء قصفهم لغزة وتدميرها على من فيها! ويبدو أن تلك المقالة كشفت للقراء شيئاً من المستور الذي حاول بالأمس أن يتبرأ منه، ولكن الشمس لا يمكن أن تغطى بمنخل، فكتب تعليقاً كشف فوق الجهل غروراً يقتل صاحبه!
لقد تبنى الاتحاد السوفيتي منهج الإلحاد رسمياً بتصفيته كل علماء الدين وأماكن العبادة لكل الأديان، لدرجة أنه حوّل معبد المسيح المخلص في موسكو إلى مسبح، وحوّل مساجد آسيا الوسطى إلى مسارح وإسطبلات خيل! وأنا لم أذكر أن الإلحاد بدأ في الاتحاد السوفيتي، ولكنني قلت إننا كنا نأمل أن ينتهي بنهاية هذه الإمبراطورية التي كانت عنواناً للقمع وانتهاك حقوق الإنسان!
ولعله من حيث لا يدري ضرب معظم أمثلته التي ساقها للتدليل على قمع العلماء بحجة خروجهم على تعاليم الدين من تاريخ الدول النصرانية وبطش الكنيسة بالعلماء، بينما في معظم كتاباته يدلل على قمع العلماء في بلاد المسلمين! اللهم إلا إذا أراد أن يوحي لنا أنه شبيه بأولئك العلماء الذين تم البطش بهم لمعتقداتهم أمثال غاليلو ونيوتن وكوبرنيكوس وابن رشد والرازي وغيرهم! وهنا، نسأله: هل جنابك، أيضاً، اكتشفت كروية الأرض أو اخترعت قانوناً للجاذبية حتى تتعرض لما تعرض له أولئك النوابغ؟!
اليوم التيار الديني ليس بأفضل حالاته، لا في الكويت ولا في بقية دول الخليج، فأتباعه مهمشون وظيفياً ومطاردون -في بعض الدول- أمنياً، ويتم تشويه تاريخهم وسيرتهم في الإعلام بشكل مبرمج، ومع هذا لا يجرؤ خصوم هذا التيار من الملاحدة واللادينيين من الإعلان عن هويتهم ومعتقداتهم! لماذا، لأنها تتعارض مع فطرة الشعوب التي فطرها الله على الإسلام، فتجدهم بكل صفاقة وغرور يقارنون أنفسهم بالرازي وابن رشد من العلماء الذين شهد لهم زمانهم بالريادة! بينما أحدهم لا يجد ما يكتب عنه إلا انتقاد إقامة ندوة عن ضرورة تطبيق قانون الاختلاط بالجامعة! يعني كل مشاكل البلد ما تستحق أن يكتب عنها بينما يكتب منتقداً إقامة ندوة تطالب بتطبيق القانون! ثم يتساءل عن سبب تخلف البلد! ولو نظر إلى المرآة لعرف الإجابة عن تساؤلاته!