ربما لم يكره «عرب التاريخ الحديث» أحدا ككرههم لموشيه دايان، وغولدا مائير، فقد اشبعناهما شتما ووصفا قبيحا، وهم بدورهما اشبعوننا هزائم ونكسات.
ولدت غولدا Golda Mabovitc عام 1898 في كييف، أوكرانيا، وهي رابع رئيسة وزراء لإسرائيل، التي اصبحنا نتصرف مؤخرا وكأنها «دولة» صديقة، مقارنة بإيران مثلا!
لقبت مائير بـ«المرأة الحديدية» قبل أن تلقب تاليا مارغريت تاتشر به بربع قرن. وكان بن غوريون يقول عنها انها أفضل رجل في وزارته.
هاجر والدها إلى نيويورك عام 1903ولحقت أسرته به تاليا، ولكن غولدا تركت بيت والديها لتعيش مع شقيقتها، وهناك تعرفت على الفكر والأدب والحركة الصهيونية، والتقت بمورس مايرسون، واحبته واشترطت عليه، إن تزوجا، الهجرة إلى فلسطين، وهذا ما حدث عام 1921.
اللافت في تاريخ الحركة الصهيونية، أنها في سعيها لإيجاد وطن لمئات آلاف اليهود المشردين، قامت جاهدة بالمشاركة في اي مؤتمر تدعى له بغية إيجاد حل لقضيتها، ومن ذلك مؤتمر «إيفيان»، الذي عقد بدعوة من الرئيس الأميركي روزفلت. ولكن أيا من الدول المشاركة، بخلاف الدومينيكان، لم تعرض اي اقتراحات كان يمكن أن تغير مجرى التاريخ. وبالتالي كان لا بد من العودة الى فكرة الاستيطان في فلسطين. وهنا ظهرت كفاءة مائير القيادية، حيث نجحت في جمع 50 مليون دولار لتسليح العصابات الصهيونية، التي ستحارب في فلسطين، وكان ذلك مبلغا هائلا في حينه. وبينت الوثائق أنها زارت ملك الأردن، عبدالله الأول، سرا في 10 مايو 1948، لتعلمه بقرار إعلان الدولة، وإنه طلب منها عدم الاستعجال، فردت: وهل بعد انتظار 2000 عام لا يزال القرار يعتبر متعجلا؟ بعد ذلك الاجتماع باسبوعين خسر الفلسطينيون وطنهم! وشنت بضع جيوش عربية متآكلة حربا ضد إسرائيل، ولكنها خسرتها، لأسباب كثيرة، ومنها «ماكو أوامر».
أصبحت مائير أول سفير لدى موسكو، التي تسابقت مع واشنطن في الاعتراف بإسرائيل. ثم اصبحت عام 1949 عضوة في الكنيست وبقيت فيه حتى 1974، تقلدت اثناء ذلك عدة مناصب وزارية قبل ان تصبح رئيسة وزراء عام 1969وواجهت خلال رئاستها ربما الفشل الوحيد الكبير في حياتها، عندما عجزت مخابراتها عن التنبؤ بحرب أكتوبر، بسبب تضارب مواقف مساعديها، وفشل موشيه دايان في توقعاته. وقد شجعها كيسينغر على رفض فكرة الضربة الاستباقية، إن كانت تنتظر العون من أميركا! ولكن مع هذا أدانتها لجنة «أغرانات»، فاستقالت بعدها.
هذه سيرة يهودية غير مؤمنة، فما هي سيرة كبار مؤمنينا، كما يتساءل الكثيرون على وسائل التواصل التي ورد فيها أنه عندما أحُرق المسجد الأقصى قالت غولدا مائير حينها أنها لم تنم ليلتها رعبا لما سيحدث في اليوم التالي. ولكن عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء، أدركت أن باستطاعتها فعل ما تشاء في «أمة نائمة».