في أوائل الستينيات حُكم على الزعيم نيلسون مانديلا بالسجن المؤبد بتهمة التحريض على العنف ولرفعه شعار «افريقيا للأفارقة» الذي يعكس رغبته ورغبة حزبه في طرد آخر رجل أبيض من جنوب افريقيا وهي سياسة حققها الزعيم روبرت موغابي في بلده زيمبابوي، حيث طرد كل البيض وصادر مزارعهم ومصانعهم وممتلكاتهم وحكم بلده ولازال بالحديد والنار حتى أصبحت أفقر دولة في افريقيا.
***
بالمقابل قام الزعيم البرغماتي مانديلا بتغيير فكره وأعلن ان شعار «افريقيا للأفارقة» الذي رفعه بات يشمل البيض الذين عاشوا في أفريقيا، كما ارتضى وقف الكفاح المسلح ضد النظام العنصري في جنوب افريقيا لصالح المقاومة السلمية وبدأ بالاتصال بأعدائه للوصول لحلول وسط مع البيض ولم يرفع شعارات مدغدغة ظاهرها رحمة وباطنها عذاب كالإصرار على تحرير بلده من البحر الى البحر اي من ساحل المحيط الهندي الى ساحل المحيط الأطلسي كحال من رفعوا شعار تحرير فلسطين من النهر الى البحر فأضاعوا النهر والبحر و.. ما بينهما!
***
فلو قدر تاريخيا للعرب وللقضية الفلسطينية وجود مانديلا فلسطيني عربي عاقل لوصل منذ بدايات القضية الفلسطينية لتفاهمات واقعية تقوم على مبدأ الربح ـ الربح ولاستفاد بذكاء من مظلمة اليهود في اوروبا بالثلاثينيات لإظهار إنسانية العرب وأهل فلسطين ولاستقطب العقليات والقدرات العلمية والاقتصادية اليهودية ـ التي هاجرت وعمرت الولايات المتحدة ـ واستفاد منها لبناء دولة فلسطينية ـ اسرائيلية مشتركة او دولتين فلسطينية واسرائيلية شديدتي التقدم والغنى والتطور ولتصبحا قاطرة تجر دول المنطقة الى الأمام ولسبقت صقور ونسور غرب آسيا العربية واليهودية نمور شرق آسيا بمراحل وكم في تاريخنا من مهازل ومواقف انفعالية غبية أوصلتنا الى ما نحن فيه من خراب ودمار.
***
آخر محطة:
(1) لقد اختار العرب بمحض إرادتهم رفض ولفظ وقتل وسحل المانديلات العرب أمثال البرغماتيين نوري السعيد وكميل شمعون وبورقيبة والسادات وغيرهم لصالح شراء وتوقير وتقدير الزعامات الموغابية الغبية العربية ممن هم على شاكلة صدام والقذافي وعرفات وصالح وغيرهم…
(2) ولو اخترنا منذ البدء المانديلات العرب لما حدثت الحروب والهزائم العسكرية المنكرة التي مررنا بها ولما حدثت الانقلابات في مصر والعراق وسورية وليبيا واليمن والجزائر والصومال والسودان ولما شهدنا كذلك المنظمات الإرهابية التي روعت العالم وشوهت سمعتنا والتي بدأت يسارية وانتهت إسلامية.
(3) على غوغل شريط قصير عنوانه «Israel innovation nation» يشرح في دقيقتين لماذا يستحيل على العرب والعالم أجمع مقاطعة إسرائيل كون كثير من الاختراعات الحديثة التي نستخدمها في حياتنا اليومية صناعتها او ملكيتها الفكرية إسرائيلية، بينما الملكيات الفكرية الوحيدة التي نملكها حصريا هي في كيفية التعذيب والنحر والقتل والانتحار والتدمير…!