علاقة الأخ الكبير أحمد السعدون بالحركة الدستورية الإسلامية (حدس)، سياسياًً، ترجع إلى مجلس الأمة 1981، عندما كان السيد السعدون نائباً لرئيس مجلس الأمة، وكان تيار الحركة (الإخوان المسلمون) -آنذاك- ممثلاً بالفاضلين حمودالرومي وعيسى الشاهين، اللذين شكّلا أول كتلة إسلامية سياسية في تاريخ مجلس الأمة مع ممثلي التيار السلفي الفاضلين خالد السلطان وجاسم العون، وكان خامسهم السيد جاسم الخرافي، عليه رحمة الله. وكان التنسيق والتعاون بين الكتلة والسيد السعدون كبيرين، وتجليا في مناهضة مقترح الحكومة بتعديل الدستور. وفي عام 1985 نوى السيد الخرافي الترشح للرئاسة، فذهبت أنا والأخوان عبدالله النفيسي وحمود الرومي (نمثل تيار الإخوان آنذاك) إلى السيد الخرافي في خيمته بالشامية، وأخبرناه بأننا لن نصوت له؛ لأن المرحلة تحتاج إلى أحمد السعدون رئيساً. وفي مجلس 1992 ترشّحت أنا للرئاسة ضد السيد السعدون وكل من الفاضلين عبد العزيز العدساني وجاسم الصقر، عليهما رحمة الله، فانسحب الصقر وبقي التنافس بيني وبين السعدون والعدساني، فتعهد لي خمسة وعشرون نائباً بالوقوف معي، وأرسل لي الشيخ سعد (رئيس الوزراء) حمود الجبري -عليهما رحمة الله- ليخبرني بأنه يلتزم معي بأحد عشر صوتاً، وكنت ضامناً الرئاسة، لكنني لم أرغب في الفوز بها بفضل أصوات طرف قد يتفضّل بها عليّ طوال مدة رئاستي للمجلس، فاستشرت الحركة (وكنا قد انفصلنا عن تنظيم جماعة الإخوان المسلمين بعدالتحرير) بإجراء تصفية داخلية بين النواب بعيداً عن أصوات الحكومة. وبغض النظر عن سلامة هذه الخطوة من عدمها إلا أن هذا الذي حصل. ووافقت الحركة، بعد أن تبين لهم أن البديل عني في حالة عدم نجاحي بالتصفية هو أحمد السعدون، وتمت الانتخابات الداخلية بين النواب وفاز بها أحمد السعدون، بعد أن لعب جاسم العون وسالم الحماد وأحمد الربعي دوراً كبيراً في دعم الأخ أبو عبد العزيز! وفي الافتتاح ترشّح ضده العدساني والتزمنا بالتصويت للسعدون!
في مجلس 1996 ترشّح للرئاسة السعدون والخرافي، وذهبت أنا إلى الخرافي وأخبرته بأننا لن نصوت له؛ لاعتقادنا بأن المرحلة ما زالت تتطلب وجود السعدون! وفي مجلس 1999 قررنا حرية الاختيار لكل عضو بعد أن طرح البعض صعوبة وجود تعاون بين السلطتين في وجود السعدون.
هذا تاريخنا مع الأخ السعدون، وما يليه كان أفضل أيضاً، ناهيك عن أن جميع مواقفنا معه كانت متوافقة، وإن حدث غير ذلك فاختلاف أخوي لا يرقى إلى خصومة. وقد حاول كثيرون دق إسفين بيننا وبينه في مراحل متعددة، لكن كان مصير تلك المحاولات الفشل، حتى عندما وقف مع التكتل الشعبي والتكتل السلفي ضد مشروع الداو وضغطوا على رئيس الحكومة الشيخ ناصر المحمد بالاستجواب إن لم يلغ. المشروع، لم نناصبه العداء، بل عتبنا عليه؛ لأنه كان يعلم بالشرط الجزائي في حالة الإلغاء وخطورة ذلك على الكويت، لكنه كان له رأي آخر في الموضوع، بل إننا عندما تقدمنا بطلب إحالة الموضوع إلى النيابة، بعد إلغائه؛ لمعرفة المتسبب في الخسارة، كان التكتل الشعبي عرّاب رفض الإحالة، ومع هذا قدرنا هذا الموقف ولم نتخذ ما يعكر صفو العلاقة كما كان موقفنا منه بعد استجواب وزير الإسكان عام 2001.
اليوم الأخ أحمد السعدون يصرّح بين فترة وأخرى بوجود تنسيق بين تيارات سياسية للنزول إلى الانتخابات، ونما إلى علمنا أنه يقصدنا مع جناح في التكتل الشعبي، وكم كنت أتمنى من أخينا الكبير ألا يضع بيننا وبينه حواجز نفسية، ولذلك أريد أن أؤكد له بأسلوبه نفسه أن «حدس» كانت قد اتخذت موقفاً من مقاطعة الانتخابات، وأنها لم يصدر عنها إلى اليوم خلاف ذلك، بل لا أكتم سراً إن قلت إن الموضوع لم يطرح للنقاش والتصويت عليه إلى الآن، وأنه عندما يحين الوقت المناسب سنناقش الموضوع وسنعلن للعامة موقفنا، ولسنا من الذين يتخذون مواقفهم ويكتمونها! ونحن نعلم أن خصومنا سيتقولون علينا حتى لو «مشينا تحت الساس»!