في بدايات القرن الماضي كانت الدولة العثمانية في أوج ضعفها فقد أعلن إفلاسها أكثر من مرة وتوقفت عن دفع رواتب موظفيها وعسكرها، وخسرت حروبها حتى ضد أضعف دول البلقان التي استقلت عنها حتى سميت آنذاك برجل أوروبا المريض.. وأرغمها ضعفها على التخلي عن ولايات ارضوم وطرابزون وأزمير وجزرها، كما نصت اتفاقية سيفر 1921. ولكن ما ان انقسمت الدولة العثمانية وتفتتت حتى قويت تركيا بقيادة الغازي أتاتورك وهزمت أعداءها الأوروبيين في موقعتي غاليبولي وسقاريا وغيرهما واستردت أراضيها وانتهى الأمر بتركيا لأن تصبح إحدى الدول الأقوى في أوروبا والعالم.
***
كان الاتحاد السوفييتي الذي نشأ بعد الثورة البلشفية عام 1917 أقرب لعملاق رجله من فخار تم غزوه من قبل هتلر في عقر داره وكان ضعيفا اقتصاديا وعلميا حتى هزم في أفغانستان على يد رجال القبائل ثم انفصلت عنه العديد من الجمهوريات، إضافة الى فقدانه حلفاءه في أوروبا الشرقية، ومع ذلك فقد أصبحت روسيا الفيدرالية أقوى من الاتحاد السوفييتي فاستردت شبه جزيرة القرم من الدولة الأوكرانية وحققت حلم القياصرة بوجود موانئ في المياه الدافئة، وقد دخلت روسيا سورية لتبقى والأرجح أنها سترسل قريبا قوات برية لدعم بقائها وبقاء الرئيس الأسد!
***
بعض دولنا العربية مهددة هذه الايام بالانقسام بعد أن استحال التعايش بين مكونات شعوبها ويرى العقل العربي أن التقسيم سيضعف تلك الدول لأن العصا تنكسر وحيدة، أما حزمة العصي فتعصى على الكسر، كما تذكر القصة التراثية الخالدة، والحقيقة ان الأمر قد يكون عكس ذلك فقد يخرج لنا من الأوطان العربية المجزئة غرب آسيا مجموعة أسود تعادل قوة نمور شرق القارة التي سبب انفصال تايوان وسنغافورة وماليزيا وكوريا الجنوبية بتقويتها لا إضعافها، ومجموعة أسود عربية شابة تتنافس وتتعاون فيما بينها قطعا أفضل من أسود عربية مترهلة متناحرة، ولكم في إسرائيل التي تعادل قوتها القوى العربية مجتمعة عظة وعبرة.
***
آخر محطة: للدلالة على أن الجزء يكون أحيانا أقوى من الكل ان العربي الفرد يبدع وينجز ويقوى في بلدان المهجر على حساب سكان البلدان من أوروبيين وأميركيين، ولكن ما ان يجتمع العرب في بلدانهم حتى يضعفوا ويتخلفوا ويهزموا مرارا وتكرارا.