يتميز حكم آل أسد في سوريا بأنه بدأ بانقلاب عسكري دموي عام 1971، كعادة حزب البعث العربي في الوصول إلى الحكم. وفي أول حرب يخوضها مع العدو الصهيوني 1973 يخسرها ويفقد جزءاً مهماً من أرضه (الجولان)، بحيث أصبحت دمشق في مرمى نيران المدافع الصهيونية الموجودة على قمة جبل الشيخ! وكعادة الأحزاب العلمانية العربية، يستمر الحزب في إدارة البلاد بمنظومة الحزب الواحد وشعاره «أنا أو الطوفان»! ونتيجة للقبضة الأمنية الاستخباراتية التي تهتم إدارة البلاد بها، فقدت سوريا دورها القومي وتأثيرها في الساحة الاقليمية العربية، وصبر الشعب على الضيم على أمل أن يغير الابن من سياسة والده، الذي لم يزيله من الحكم إلا الموت في عام 2000، إلا أنّ وريث الحكم خيّب الآمال، وأصبح شهاب الدين «أسوأ» من أبيه، ووصل الأمر إلى أن زاد الضغط النفسي على الشعب، الذي لم يخل له بيت من مفقود أو مسجون أو طريد! وبعد حادثة أطفال درعا لم يقو الناس على الصبر، فثاروا في وجه العسكر، وبدأوا مسيرات سلمية في جميع أنحاء سوريا تطالب بوضع حد للفساد والقهر والظلم، إلا أن هذه المسيرات السلمية وُوجهت بالرصاص الحي؛ لأن النظام القمعي البوليسي لا يعرف الحوار، ولا يستشعر هموم الناس، وزاد القتل في الشباب الأعزل! ولوحظ أن النظام كان لديه استعداد لتدمير البلاد على من فيها مقابل ضمان بقائه، وأصرَّ الشعبُ على سلميته إلى أن كشف النظام عن طائفيته واستنجد بحزب الله والميليشيات الإيرانية. وفي المقابل، اضطر الشعب إلى حماية نفسه والدفاع عن محاولته التصحيحية بتشكيل كتائب مسلحة، لكنها كانت تفتقد التجهيز العسكري المناسب، واستمرت المعركة غير متكافئة إلى اليوم، إلا أن اتساع رقعة الاحتجاجات وشمولها لمعظم المدن الكبرى في سوريا جعلا النظام يترنح، وزادا من مخاوف الكيان الصهيوني من أن يأتي نظام مخلص لوطنه وقوميته فيبدأ معركة تحرير الجولان من الاحتلال. وتحركت المنظومة الصهيونية العالمية، ورتبت، بالتنسيق مع الإيرانيين وجهات استخباراتية عالمية، ظهور «داعش»؛ ليكون ذريعة للتدخل الدولي لقمع الانتفاضة الشعبية بحجة قتال هذه المنظمة الإرهابية! وحتى تكتمل الطبخة وتأخذ شكلها الإقليمي تم طرح موضوع احتمالية وصول الإخوان إلى الحكم إذا نجحت الثورة، فتحركت مليارات من بعض دول الخليج لدعم النظام العلوي، وشاركت في تحالف دولي ظاهره الرحمة وباطنه العذاب.. ويتأخر النصر بعد أن كان القصر الجمهوري في مرمى نيران الثوار والمجاهدين، وتستمر البراميل المتفجرة في دك ما تبقى من البشر والحجر إلا أن الله بالمرصاد «وَلَوْلاَ دَفْعُ الله. النَّاسَ بَعْضَهُمْ ب.بَعْضٍ لَفَسَدَت. الأَرْضُ»؛ فينجح حزب أردوغان في تركيا، وتخسأ أحزاب العلمانية والدكتاتورية، لتبدأ السعودية في إعلان دعم المجاهدين، وتنتعش الآمال من جديد بإسقاط النظام وإنهاء معاناة الشعب، إلا أن الغرب هذه المرة تحرك بقوة، ورتب مع روسيا لتلعب الدور الوقح الذي لا تملك أوروبا وأميركا القيام به، فنزلت بكل ثقلها لإنهاء القوة العسكرية المتواضعة للثوار والمجاهدين بالحجة السابقة نفسها وهي قتال «داعش»!
وقد صرحت لوبان (النائبة اليمينية الفرنسية) بأن التحالف اليوم يضم دولة عربية كبرى ودولة خليجية وروسيا وإيران بالتوافق مع الاتحاد الأوروبي(!!) وكلنا سمعنا تصريح بوتين الذي اتهم أردوغان بأنه يحاول أسلمة تركيا! إذن، هو صراع بين فريقين: فريق يسعى إلى إنهاء معاناة الشعب المقهور وإرجاع الحق إلى أهله، وفريق يسعى إلى إبقاء النظام أو من يضمن له عدم وصول الإخوان إلى الحكم! ولو كان ذلك على حساب معاناة شعب كامل وتدمير مقدراته! المهم لا يصل الإخوان أو من يؤسلم الحكم!