منذ ان استبدل المفكر اليميني الأصل صاموئيل هنتغتون صراع المعسكرين الشرقي والغربي بعد سقوط الاتحاد السوفييتي: بصراع حضارات يقوم على الهوية الدينية في محاضراته وكتبه قبل عقدين من الزمن، وتلك النظرية يثبت الإرهابيون من «قاعدة» و«داعش» صحتها مع كل يوم يمر، فـ«الاسلامو فوبيا» التي تسببوا فيها باتت المحرك الأول لفوز الأحزاب اليمينية والعنصرية بالانتخابات في العالم الغربي منذ احداث سبتمبر 2001 وما تلاها.
***
كما ساهم الإرهاب في استبدال التمييز العنصري الأوروبي التاريخي الموجه ضد اليهود، والأميركي الموجه ضد السود واللاتينيين الى تمييز عنصري ضد العرب والمسلمين مما يزيد من تأجيج صراع الحضارات أكثر وأكثر ويعيد للاذهان ما طرحه الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في خطاب الاتحاد بعد ايام من احداث سبتمبر من أن العالم سيعيش عصر الإرهاب والإرعاب (AGE OF TERROR) وان الحرب ضد الإرهاب لا زمن محددا لها وأنها ضد اعداء لا وجوه لهم!
***
واضح ان عملية باريس التي ضربت حي فولتير وأكثر الدوائر ازدحاما يوم الجمعة يقصد منها نشر اكبر كم من الرعب لدى الشعوب الفرنسية والأوروبية مما سيدفعها لانتخاب الأكثر تشددا وعنصرية ضد المهاجرين وخاصة العرب والمسلمين، وقد وجهت العقول الشريرة العمليات التدميرية لرموز محددة هي الرياضة والفن ومركز التنوير وحرية التعبير وقد استخدمت بها للمرة الأولى الاحزمة الناسفة مما يطرح تساؤلات عن قدرات الجماعات الإرهابية الخارقة في التخطيط والتنفيذ، وتساؤلات أخرى عن دوافع تلك العمليات التي قيل انها لمعاقبة فرنسا لدورها في أحداث سورية، ومعروف ان للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند مطالبة دائمة بعزل الرئيس السوري بشار الأسد فهل في هذا الطلب ما يزعج قيادات «داعش» ويجعلها تقوم بتلك العملية الشنعاء لمعاقبة الرئيس الفرنسي واحراجه أمام شعبه.
***
ومع كل يوم يمر تتضح جرائم «داعش» الكبرى ضد العرب والمسلمين، فمن تدمير لديارهم واشعال الحروب الاهلية فيها، الى القضاء على تراثهم الانساني وادخالهم في صراعات ضد جميع شركائهم في الاوطان الى استخدام الارهاب وعمليات النحر والتفجير لتشويه سمعتهم في العالم ودول المهجر التي لجأوا لها بعد تطفيش «داعش» لهم من بلدانهم، ان على الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي دراسة امكانية خوض حرب بقاء خليجية ـ عربية ـ إسلامية ضد «داعش» فحروب الآخرين على «داعش» يجعلها تتمدد وتقوى وتبقى و«لن يحك ظهرك مثل ظفرك» كما يقول المثل العربي المعروف!
***
آخر محطة:
(1) سينتهي مؤتمر فيينا الحالي الرامي إلى حل الإشكال السوري بالفشل الذريع حاله حال مؤتمري جنيف لحل الاشكال اليمني والصخيرات لحل الاشكال الليبي فجميع تلك المؤتمرات تحمل في قلبها من يعمل على تفجيرها وافشالها عبر المطالب التعجيزية كي تبقى الحروب الاهلية قائمة حتى التقسيم القادم لا محالة بعد تحويل تلك البلدان الى اطلال وخراب!
(2) يقوم تنظيم داعش المشبوه باحتلال الاراضي التي تم تسليمها دون حرب للطامعين في الاراضي العربية كما حدث قبل أيام مع اقليم سنجار!