كانت الاشهر القليلة الماضية حافلة بالاحداث الجسام التي أصابت الامتين العربية والاسلامية في مقتل، فشاهدنا المزيد من التشرذم والانتكاسات الواحدة تلو الاخرى بسبب غياب قيادة مخلصة وواعية وجادة للامة تنتشلها من كبوتها وتنفض عن ابنائها غبار انتظار الفرج من خلف السحاب! ومع هذه الظروف، التي مرت بها الامة ولا تزال، فاننا شاهدنا مثقفينا في الخليج، وخاصة «أدعياء» الثقافة، مستمرين في الكتابة عن الرئيس مرسي وجماعة الاخوان المسلمين، ويعلقون عليهم مشاكل الامة ومآسيها! مع انهم في سجون الطغاة منذ أشهر طويلة، في الوقت الذي يدير خصومهم شؤون البلاد والعباد «الغلابا».
لقد أثبتت الايام، التي تلت ثورات الربيع العربي، أن العلمانيين في مجتمعنا الشرقي لا يؤمنون بحرية الرأي ولا يطيقونه، وأنه لا مكان لحرية الكلمة في قاموسهم وأدبياتهم، وان المعنى الوحيد للحرية، الذي يفهمونه، هو حرية المرأة في ان تلبس ما تشاء وحرية البعض في ان يمارسوا ما يشاؤون من المنكرات والموبقات! لذلك وجدناهم لا يتورعون عن تأييد القرارات القمعية التي صدرت في الكويت، والتي على اثرها تم سحب جناسي بعض الناشطين السياسيين وسجن البعض الآخر، وتم اغلاق بعض الصحف والقنوات الفضائية المخالفة لتوجه السلطة، بل انهم – العلمانيون – أيدوا قمع ثورات الشعوب العربية المقهورة، وباركوا زج الاصلاحيين بالسجون والمعتقلات، وصفقوا لمن أغلق الفضاء الاعلامي وجعله حكراً على المطبلين والانتهازيين! واليوم يأتي هذا المتسلق على جدران الثقافة في جنح الليل المظلم، ليدعي ان التيار الديني في الكويت هو من حجر على حرية التعبير مستشهداً بأقوال مرسي والنميري والترابي! ولو عملنا مقارنة بين فترة حكم مرسي وحكم غيره في مجال حرية التعبير، لاكتشفنا مدى الافتراء الذي يمارسه العلمانيون! وطبعاً زج اسم النميري دليل على حجم الثقافة المفترى عليها في عقلية بعض هؤلاء!
والتفسير الوحيد لهذه المواقف الغريبة للعلمانيين الخليجيين هو انهم شعروا بالحرج من تسلسل الاحداث بهذا الشكل الدرامي، فوجدوا أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مرّ ، إما تأييد حق الشعوب في تقرير مصيرها واختيارها للاسلوب الديموقراطي الذي يعكس رأي الاغلبية المسحوقة طوال قرن من الزمان، وإما يتنازلون عن مبادئهم المعلنة ويلهثون وراء مصالحهم الزائفة! وطبعاً، كما شاهد العالم أجمع، اختاروا الخيار الثاني، وحتى يقللوا من أثر ذلك فيهم استمروا في شن حملة منظمة من الافتراءات والتشويه والتلفيق ضد التيار الشعبي الاول في المنطقة وهو التيار الاسلامي المعتدل! وأختم حديثي لأنقل لكم فقرة مما كتبه مدعي الثقافة في آخر افتراءاته، «.. وقد ذكّرني بما جرى في الكويت بعد التحرير مباشرة عندما استولى حزب الاخوان في الكويت على المساعدات وقام ببناء شعبيته عليها..»!
مشكلة عندما يجتمع الجهل مع ضعف الضمير!