هناك 22 دولة عربية بالمنطقة، وهناك 3 دول غير عربية، الا انها دول مؤثرة جدا في الاقليم وفي العالم هي ايران وتركيا وإسرائيل، ولازلنا حتى اليوم ندفع ثمن الاخطاء الفادحة للثوريات العربية التي زرعت بالمنطقة في الخمسينيات والستينيات وما بعدها، حيث تكفل الفكر الهيكلي بتحريض الرئيس عبدالناصر، الذي لا يعلم شيئا عن معترك السياسة الدولية، على دول الجوار، فبدأ عهده بمحاربة حلف بغداد الذي كان يفترض ان يضمنا مع الاتراك والايرانيين وحتى الباكستانيين بدعم من الولايات المتحدة وبريطانيا، وكان يضمن حلا عادلا للقضية الفلسطينية عبر مشروع ايزنهاور الذي هو بمنزلة مشروع مارشال للمنطقة يقفز بها للتقدم والثراء ويحيل دول الاقليم الثلاث (ايران وتركيا واسرائيل) الى اصدقاء حميمين، وهو ما كان كفيلا بمنع جميع الحروب التي قامت بالمنطقة خلال الستين عاما الماضية والتي دمرت الزرع وجففت الضرع وأفقرت عواصم الحضارة العربية بعد ان تفشت فيها الهزائم والقتل والقمع والتهجير.
***
وبدلا من الحرص على صداقة دول الجوار، رفعت الثوريات العربية شعار العداء لجميع الدول، فرفض اي تسوية سلمية مع اسرائيل تقل عن رميهم بالبحر، وتم خلق المشاكل مع شاه ايران، وتم التدخل منذ الخمسينيات بالشأن الداخلي الايراني، وفي المقابل لم يتدخل الشاه بالشأن العربي في العراق وسورية ولبنان واليمن وفلسطين، بل قام بدعم العرب ابان حرب 1973 كون الرئيس السادات استبدل العداء نفسه بالصداقة نفسها.
***
والحال كذلك مع تركيا التي حوربت عبر اثارة قضية لواء الاسكندرونة ثم عبر طبخ انقلابات عسكرية يسارية على حدودها الجنوبية في العراق وسورية وانقلابات فاشلة بالاردن موالية للاتحاد السوفييتي الذي يحد تركيا شمالا، فأصبحت قواعده تحدها من الشمال والشرق والجنوب، وتم تصوير الدب السوفييتي على انه نظام ديموقراطي انساني محب للشعوب العربية واقرب لنا من دول الجوار الثلاث، وكم كانت تلك اكذوبة كبرى دفعت وتدفع ثمنها دولنا وشعوبنا العربية دماء هادرة.
***
آخر محطة:
(1) تمخض عن ذلك التاريخ الثوري المدمر ان وصلنا للاوضاع البائسة الخطيرة الحالية والتي ملخصها ان اعداءنا كعرب هم اعداء حقيقيون لنا، اما اصدقاؤنا فهم ليسوا اصدقاء في الاغلب بل اعداء مخفيون سيثبتون عند الحاجة لهم.. عداءهم!
(2) اما اعداؤنا في الاقليم فأصدقاؤهم هم اصدقاء حقيقيون لهم، اما اعداؤهم فهم في الاغلب اصدقاء مخفيون لهم.
(3) بالمختصر، نحن كعرب وبسبب اخطاء الماضي لا نملك اصدقاء على الاطلاق (حتى باكستان تنصلت من دعمنا)، وخصومنا لا يملكون اعداء على الاطلاق، ويالها من معادلة.. والله المستعان