نتمنى من أمانة مجلس التعاون الخليجي، وبعد التشاور مع القادة الخليجيين، طرح فكرة إنشاء «مجلس حكماء دول حوض الخليج» على الدول الأخرى المطلة على الحوض، وذلك للنظر في المشاكل العالقة، وأي مشاكل تطرأ مستقبلا، والتي هي بمثابة ألغام طائفية وطافية، واقتراح الحلول الناجعة لها قبل ان تنفجر، ورفعها لقيادات الدول الثماني المشاركة في مجلس الحكماء المقترح، وهي الدول الخليجية الست وإيران والعراق قبل ان تستفحل وتتحول من نزاعات باردة الى نزاعات ساخنة ومدمرة، كما حدث في الماضي القريب أعوام 1980 ـ 1988 وأعوام 1990 ـ 1991 وعام 2003.
***
يطل على حوض الخليج المملكة العربية السعودية، وبها الحرمان الشريفان، وإيران وبها أماكن مقدسة مثل قم ومشهد، والعراق التي تحتوي على النجف وكربلاء، ولا شك ان تلك الدول تمثل المرجعية للمسلمين بكل طوائفهم، وأي خلاف بينهم يعني بالتبعية الاضرار والدمار للإسلام والمسلمين، حيث ان اختلاف واحتراب السنة والشيعة، وهما المكونان الأساسيان للإسلام، به أفدح الضرر على الدين، كما ان تواد تلك الدول وتحابها وتعاضدها وإنهاء مشاكلها عبر مجلس الحكماء سيعني تقوية الإسلام كافة.
***
ما سبق هو بديهيات تقارب رؤية الشمس في رابعة النهار في أشهر الصيف، إضافة الى حقيقة عدمية الخلاف بين دول ضفاف الخليج أو بين طوائفه حيث لن يستطيع طرف القضاء على مكونات الطرف الآخر كونهم بمئات الملايين، وحقيقة أخرى جلية واضحة تظهر أنه لا إشكال على الإطلاق في علاقات «شعوب» الدولة المطلة أي الخليجيين والإيرانيين والعراقيين بعكس، على سبيل المثال، الحالة التي كانت قائمة في أوروبا بين الألمان والإنجليز والفرنسيين وشعوب دول البلقان، أو حتى بين شعوب الصين واليابان في شرق آسيا.
***
ولا شك أن إشكال التسميات (الخليج، الشط، غرب إيران) يمكن ان يحل بسهولة، وفي دقائق، وإلى الأبد، متى ما حسنت النوايا، وتم الاتفاق على ان التسمية لا تعني الملكية (كحال المحيط الهندي أو خليج المكسيك.. إلخ)، واشترط عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى بحجة تلك المسميات، وقام في المقابل عمل سياسي توافقي يعمل على تحويل علاقة الخسارة ـ الخسارة ـ الخسارة الماضية والحاضرة بين دول الحوض الخليجي الى علاقة تعاون وثيق تتحول بالتبعية الى ربح ـ ربح ـ ربح وربح أكبر للإسلام، ولا شك ان اتفاقا كهذا، لو تم نتيجة لإنشاء مجلس حكماء، فسيتبعه سريعا إطفاء النيران المشتعلة في العراق وسورية واليمن.. إلخ.
***
آخر محطة: الخلاف بين الدول المطلة على حوض الخليج، او حتى بين المذاهب الإسلامية كنتيجة لذلك الخلاف يمثل قطرة صغيرة في محيط خلافات الدول والأديان والمذاهب الأوروبية في السابق، التي استمرت لقرون، وذهب ضحيتها مئات الملايين، ومع ذلك حكموا واستمعوا لحكمائهم بدلا من متشدديهم، فتصالحوا وتحابوا وتبادلوا المصالح، فتوقفت الحروب، واغتنوا بعد فقر، وتقدموا بعد تخلف، فهل نعجز، ونحن أتباع الدين الذي يبدأ الآخر بتحية «السلام»، ان نرسخ السلام بين دولنا ومذاهبنا، عبر بادرة كهذه، تنطلق من جنوب الخليج وغربه الى شرق الخليج وشماله؟! وما الضرر من إنشاء مجلس حكماء يرفع توصياته للقيادات الخليجية الـ 8؟!