منذ ثلاثة أشهر، كتبت مقالا بعنوان «الجبهة الداخلية مسؤوليتنا» وسردت وقتها خطورة الأوضاع القريبة منا، والتي كانت وما زالت تمثل توترا إقليميا خطيرا، رسمت ملامحه بريشة طائفية خبيثة الهدف منها نشر الفوضى وزعزعة الأمن في المنطقة.
واليوم أعود وأكرر أن الجبهة الداخلية هي مسؤوليتنا جميعا وبشكل استثنائي هذه المرة، وتحديدا بعد العمل الإجرامي بتفجير الإرهابي نفسه داخل مسجد الأمام الصادق والذي أسفر عنه استشهاد العشرات من المصلين، وإصابة المئات منها حالات حرجة وأخرى جروح بليغة.. ولكي نحافظ على بلدنا لابد من وضع الضرورة القصوى حالة في تحمل المسؤولية الكاملة بشأن التمسك بوحدتنا الوطنية، وعلينا أن ندرك تماما أن العدو ليس عدوا لفئة دون أخرى، بقدر ما هو عدو للكويت بكل فئاتها وطوائفها.
في هذه الحالات العصيبة لابد أن نجعل الكويت هي الطائفة التي يجب أن نفزع لها وندافع عنها، والأهم في تلك المرحلة الاستثنائية التهدئة وضبط النفس من أي استفزاز مقصود من طائفيين وكذلك ضرورة عدم نشر الشائعات كونها تضر بأمن البلد، ولابد من الكل محاربة الفكر المنحرف لكل من يدعو للكراهية ويثير النعرات الطائفية بين أبناء الوطن الواحد خاصة أن الأمر بات يتعلق بأمن واستقرار وطن وأروح بشر آمنة، والمصيبة الكبرى أن التحريض هو أشد خطورة من المتلقي، وهذه الجزئية يجب التحذير منها كونها وكر البلاء، لذا على الحكومة أن تتخذ كل الإجراءات الصارمة ضد من يحمل الفكر التحريضي دون مجاملة أحد، فالكويت لا تتحمل المجاملات بعد اليوم ما دام نيران الإرهاب ضربتها، وهنا أتذكر ما قاله رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون «لا تحدثني عن حقوق الإنسان حين يتعلق الأمر بالأمن القومي».
والسلاح الأقوى ضد الإرهاب هو التمسك بالوحدة الوطنية للحفاظ على الجبهة الداخلية ومن مسؤوليتنا الوطنية مساعدة رجال الأمن في الإبلاغ عن أي إرهابي يثير الشكوك، والإرهاب لم ولن ينجح ألا اذا تفرقنا وتناحرنا وتجاهلنا الكويت، وهنا الكل سيغرق لأن الإرهاب لن يستثني أحدا.
وكي ننجح في محاربة الخطر المتربص بنا اليوم لابد من أن تبلغ المسؤولية الوطنية أقصى درجاتها لصد أي عدوان خبيث سواء كان فكريا أو مسلحا على الكويت، وهذه المسؤولية تكمن في الالتفاف حول قيادتنا السياسية ضد هذا العدو الغادر الذي لا يعرف لا دينا ولا إنسانية.
الوضع اليوم يتطلب الحزم بأقصى درجاته ضد من يسعى لهدم أركان المجتمع بقذارته الطائفية.. فالشاطر من يتعلم من دروس الآخرين.
أخيرا دموع سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، أثناء زيارته لموقع التفجير كانت هي السلاح الأقوى لوحدتنا الوطنية.. فعلا هي دموع الإنسانية من القائد الإنسان.