De Humanization لطالما تساءلت عن سبب توحُّش الإنسان تجاه أخيه الإنسان، خصوصاً عندما يخبرنا علماء الطبيعة أنه أكثر المخلوقات قتلاً لبني جنسه، وهو من المفترض أن يكون أعقلها، ولعل حيرتي هي التي جعلتني أتجرأ على مجال أساتذتنا المختصين في علم النفس والسلوك بكتابة هذه السطور.
لكل منتهى بداية، وبداية السفك والوحشية خطوات، أولها (عملية نزع الطابع الإنساني de Humanization)
عبر صبغ الطرف الآخر بصبغة الخطر: يحاول زعزعة دينك، أفكاره هدامة، كافر…. الخ.
لو افترضنا أننا كُنَّا نسبح في بركة ماء، وصرخت فجأة وبخوف: «اقتلوا تلك البعوضة الماصة للدماء، ستنقل لكم الأمراض القاتلة» لن يتوانى الأصدقاء عن البطش بها فوراً، دون معرفة أنها ليست سوى فراشة صغيرة.
ثانياً: (الاستعداء بناءً على المسؤولية الجماعية)، فبعد قيام الآلات الإعلامية المغرضة بصبغ الآخر بصبغة الخطر، يقوم أفراد جهلة بمحاولة الانتقام من أي شخص من الطرف الآخر، حتى لو كان امرأة أو طفلاً.
ثالثاً: (الانتماء الأقوى من الحقيقة)، وهو عنوان شارحُُ لنفسه، ويذكرني بقول دريد بن الصمة: (وما أنا إلا من غزية.. إن غزت غزوت.. وإن ترشد غزية أرشد).
وينتشر هذا الداء في الأوساط التي تطغى فيها القبيلة على الدولة و المرجع الديني على ولي الأمر.
رابعاً: مع جميع العوامل السابقة يحل أخطر أمر على النفس البشرية وهو ‘الكراهية’ والتي تعمي الإنسان عن رؤية مايسمى (mirror neurons) وهي ظاهرة تحدث للإنسان عندما يرى أخاه الإنسان في موقف بائس فيرتد ذلك على خلاياه العصبية المرآتية فيحس بألمه ويحزن له ، لذلك تطلب بعض الجيوش من فرق قناصتها عدم النظر في عيني الهدف.
خامساً: كثرة مناظر الدم والقتل واعتياد النفوس عليها ، كان أحد الرؤساء اللبنانيين أثناء حرب لبنان يمنع بث صور القتلى في وسائل الإعلام قائلاً إنه لا يريد أن يتعوَّد اللبنانيون على مشاهد الدم ، فالرحمة الرحمة ياوسائل الإعلام و أصدقاء «الواتساب».