يقول جورج اورويل: كلما ازداد ابتعاد المجتمع عن الحقيقة، زادت كراهيته لكل من يتحدث عنها!
نشر موقع ويكيليكس برقية مسربة تحوي خطابا نسب الى داعية مصري «ع.خ» موجها الى سفارة خليجية في القاهرة، يطلب فيها مساعدة بمبلغ 75 مليون ريال لتنفيذ مشروع محو أمية 500 ألف مواطن مصري. وجاء في نص البرقية أن «ع. خ»، وبدعم من شركة فودافون البريطانية، سبق ان نجح في محو أمية 120 ألف مصري، وتعليمهم القراءة والكتابة، وهو خبر لم يسمع به أحد طبعا!
ولو قمنا بإجراء حسبة بسيطة، لوجدنا أن محو أمية نصف مليون إنسان، بمبلغ 75 مليون ريال، على مدى أربعة أشهر، تعني أن تكلفة تعليم كل فرد لن تزيد على عشرة دولارات شهريا، وهذا، إن صح، سيكون بحكم المعجزة. ولو أثبت السيد الداعية لنا أن بإمكانه القيام بهذه المهمة بهذه التكلفة البسيطة جدا، فإننا سنتبرع لمشروعه بعشرين الف دولار، وسنسعى للحصول على أضعاف هذا المبلغ بكثير من مصادر أخرى. كما أن اليونيسكو ستستعين حتما بقدراته «الخارقة» في مجال محو الأمية في عشرات الدول الأخرى.
لقد كانت مصر، طوال تاريخها الحديث، سباقة في ميدان الحواة الذين يجيدون استخراج الأرنب من اكمام جلابيبهم، ويبدو أن هؤلاء الحواة أصبحوا يرتدون الآن الملابس الافرنجية ليقوموا بأداء الحيل نفسها.
ويمكن ان نضيف هنا أنه باستثناء أميركا، فإن رجال دين أي دولة في العالم لم يحققوا ثروات ضخمة كما حقق رجال الدين في الدول العربية، والخليجية بالذات، والشواهد حولنا أكثر من ان تحصى. والحقيقة انها ظاهرة غريبة إن دلت على شيء فعلى مدى سذاجة الكثيرين منا، وفراغ عقولهم، وملاءة جيوبهم. ففي اميركا مثلا، حيث تبلغ السذاجة أوجها، حقق الدعاة من «أصحاب» الكنائس ثروات خيالية وامتلكوا طائرات خاصة وقصورا من أموال اتباعهم المساكين، كما تورط عدد منهم في قضايا اخلاقية، وحدث ما يماثل ذلك لدينا من سطو على حقوق الغير الفكرية، وتحقيق الملايين من بيع مؤلفات مسروقة وغير ذلك من بيع سنابل ساذجة وتحقيق ملايين الدنانير. ولا أعرف كيف يمكن لهؤلاء، الذين يدفعون الناس الى ذرف الدموع في خطبهم ودفعهم الى التفكير في جوع الفقير، أن يقبلوا لأنفسهم السكن في أفخم البيوت والسفر على الدرجة الأولى والتفاوض على أعلى أجور الظهور على الفضائيات، ويرفضون في الوقت نفسه حتى التبرع بعشر مكاسبهم الضخمة لأي فقير ومحتاج.
بالمناسبة من فكر من أهل الخليج بمأساة مسلمي الروهنجا، هل تذكرهم أحد في رمضان؟