بأقل درجة من الإعلام وفي تمام الساعة التاسعة صباحاً في قصر السيف، وبحضور الشيخ عبدالله السالم أمير الكويت والمقيم البريطاني في الخليج وليام لوس والمعتمد السياسي البريطاني في الكويت جون ريتشموند استقلت الكويت عن بريطانيا في ١٩ يونيو ١٩٦١، حيث تم استبدال اتفاقية الحماية بين بريطانيا والكويت المبرمة في ١٨٩٩ باتفاقية صداقة لتصبح الكويت بعدها “دولة مستقلة ذات سيادة”، وبذلك صار جون ريتشموند المعتمد السياسي البريطاني أول سفير لبريطانيا بالكويت.
وعلى أثر ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي حينذاك عبدالكريم قاسم أن الكويت ليست إلا قضاءً تابعاً لولاية البصرة على أساس أن العراق الحديث هو وريث للإمبراطورية العثمانية، وهي وراثة غير مستحقة، تاريخاً وإعلاناً.
“أزمة الكويت” حينئذ تكونت من خمسة عناصر: إعلان الاستقلال، وتهديد بالضم، ودخول منظمات إقليمية ودولية على الخط، وإنزال عسكري من دولة كبرى هي بريطانيا، ودخول جيش عربي ومغادرة الجيش البريطاني.
ومع أن الدراسات المتعمقة للوثائق البريطانية أثبتت أن تلك الأزمة كانت مفتعلة، شارك فيها قاسم والبريطانيون وعلى رأسهم سفير بريطانيا ببغداد همفري تريفليان، إلا أن “أزمة الكويت” ظلت حالة تقليدية مهمة في أدبيات العلاقات الدولية ومازالت.
كان الشيخ عبدالله السالم، رحمه الله، أمير الكويت حينذاك، محوراً للأحداث المتسارعة، والتي تطلبت إدارة متأنية، صبورة، متفاعلة مع تلك الأحداث بتكاتف وطني ملحوظ، ودعم كبير من الأصدقاء العرب وغير العرب.
موقع الشيخ عبدالله السالم رحمه الله (حاكم الكويت من ١٩٥٠ حتى ١٩٦٥) كان موقعا متفرداً، متميزاً، مؤثراً، على مجريات الأحداث، سواء أكان ذلك قبل توليه الحكم (رئيس المجلس التشريعي سنة ١٩٣٨)، أو منذ بداية توليه الحكم (البدء بانتخابات مجالس متخصصة ١٩٥١) أو “محاولة لم تنجح لإنشاء مجلس منتخب في منتصف الخمسينيات” أو تخطيطه لاستقلال البلاد، ومن ثم ما تبع ذلك من أحداث دراماتيكية إبان الاستقلال ثم إنجاب الدستور.
وقد وجدت أن تزامن حلول ذكرى الاستقلال مع شهر رمضان المبارك، قد يجعل من المفيد التركيز على عبدالله السالم، ولكن هذه المرة من خلال أحداث الاستقلال، وما جرى فيه وحواليه، ففي تلك الحكاية التي سنرويها الكثير من المثير والمفيد بعضه متداول وبعضه غير ذلك.