مضحك وضع من يطرح المصالحة بين النظام وبين من عارضه خلال السنوات السابقة، بغض النظر عن كون المصارحة المطروحة حقيقة، وتعبيرا عن عجز وفشل المعارضة كما يدعي الشامتون، او انها تلفيقا من بعض المعادين للنيل من اقطاب جماعة المعارضة. بغض النظر عن هذا كله، تبقى المصالحة هي بين طرفين متكافئين تماما. عجز ويعجز اي منهما عن هزيمة الآخر او تنحيته عن الطريق. لهذا يلجآن الى التصالح، والى ربما التقاط الانفاس تمهيدا لبدء صراع جديد. اي انها تعادُل، وإقرار من الطرفين بانه لا غالب ولا مغلوب، ولا مصلحة من استمرار الصراع بين القوتين المتكافئتين.
فهل هذا ما ينطبق، وبالذات حاليا على «الصراع» بين المعارضة والنظام. ربما كان الحال كذلك قبل سنوات، مع انه لم يكن. او اثناء إقرار قانون الانتخاب الجديد. ايام ما كان يسمى بالحراك الكويتي، وما يسمى بالربيع العربي على اشده وفي عنفوانه. اما هذه الايام فان الحراك مات، وتشتت المتحلقون حوله، اعتذر «كوكه» وانسجن ضميره وانكفأ رمزه. ولم يعد يملك لا تأثيرا ولا حتى حضورا عارضا في الوضع. والحال كذلك.. فلم المصالحة؟ وعلى اي اساس يتم التفاوض؟!
طرح موضوع المصالحة هو محاولة يائسة من بقايا المتحلقين حول الحراك، للابقاء عليه حيا وعلى جذوته مشتعلة، لعل وعسى تتجدد الحياة فيه في القادم من ايام. وهو ما هو مستحيل وصعب التحقيق. فالنشاط السياسي في الكويت سبق ان بينت، او بالاحرى نصحت جماعة المعارضة بالانتباه اليه، مرتبط بوضع مجلس الامة. بالنشاط الانتخابي والعمل البرلماني. ومن الصعب على اي طرف ــ في الوقت الحالي ــ مهما كانت قدراته السياسية والجماعية ان يعمل خارج حدود مجلس الامة وخارج العملية الانتخابية.
هذا بالاضافة الى ان جماعة الحراك ليس لديهم شيء يقدمونه على الاطلاق. ولعلنا نتذكر الوفاة الاولى للحراك وجموده، التي لولا ادعاءات واكاذيب الرشوة والتحويلات التي اتهم بها القضاء لمات الحراك منذ زمن بعيد. محاولات احياء الحراك تجددت بالشريط الجديد، الذي يدعي تسجيل عملية الرشوة.. لكن هذه الحركة لم تأت اكلها، إذ قضى عليها اعتذار الشيخ احمد الفهد.
حركة بعض اتباع الحراك هذه الايام الهدف منها بث الحياة فيه، والايهام باستمراره وثقله السياسي، الذي يوجب على السلطة الجلوس والتفاوض معه اتقاء لشره. لكن الناس ليسوا بسذاجة وبساطة اتباع الحراك.