اتفقت الدول التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية على أن يتم تقييم اسعار البترول عالميا بالدولار الأميركي، ولم يحدد الاتفاق طريقة أو عملة دفع ثمن شراء البترول من الدول المنتجة. وبقي الأمر كذلك حتى عشية حرب 1973 بين الدول العربية وإسرائيل، ودخول أميركا بكل ثقلها إلى جانب الأخيرة. هنا أعلنت السعودية، وتبعتها شقيقاتها، عن حظر تصدير النفط لأميركا، والذي كان يمثل %70 من احتياجاتها، بسبب موقفها من حرب «يوم كيبور»، ونتج عن ذلك زيادة هائلة في الأسعار العالمية للبترول، وأحرج اميركا وعرض وضعها الأمني الداخلي لموقف مذل. هذا الشعور بالضعف، واحتمال تخلي العالم عن الدولار، وتداعياته الخطيرة، دفع حكومة الرئيس نيكسون للقيام بالتحرك سريعا، حيث قامت بإرسال وزير خارجية أميركا، ورئيس مجلس أمنها القومي، الداهية هنري كيسنجر، الى السعودية للتفاوض مع قيادتها على ترتيبات جديدة تمنع وقوع أميركا ثانية تحت تهديد مماثل. وهكذا تم التوصل الى اتفاقية مهمة، أثرت ولا تزال في الاقتصاد العالمي، تقوم على التزام السعودية، كأكبر منتج للبترول في العالم، بالتعهد ببيع بترولها بالدولار فقط، على أن تتعهد أميركا بضمان أمن السعودية ضد اي أخطار خارجية. وحذت وقتها دول أوبك الأخرى حذو السعودية، وعرف العالم «البترودولار»، وتبع ذلك خلق طلب قوي ومستمر على الدولار الأميركي لحاجة جميع دول العالم تقريبا له لشراء احتياجاتها من هذا المادة الحيوية، وبالتالي اصبح حجم الدولارات المتداولة في العالم أكثر مما يوجد في أميركا نفسها، ففي روسيا وحدها دولارات تزيد على ما لدى أميركا، التي بها فقط %30 من الدولار المصدر.
ولو تم إلغاء نظام تسعير وشراء النفط بالدولار، فإن أميركا ستصاب حتما بحالة كساد رهيبة ستؤثر حتما في العالم اجمع، وبالتالي لم يكن غريبا أن «كل» من حاول بيع بتروله بغير الدولار كان مصيره الفناء، فالبترودولار هو الذي يعطي كل هذه الأهمية للدولار الأميركي، ويضع أميركا على قمة الاقتصاد العالمي، إضافة طبعا الى عوامل مهمة اخرى. ولو انهار هذا النظام لانهارت معه مكانة أميركا كقوة اقتصادية.
ويذكر أن تعبير «البترودولار» كان من بنات أفكار الاقتصادي المصري الأميركي إبراهيم عويس، استاذ الاقتصاد في جامعة جورج تاون بواشنطن.
وعلى الرغم من انه كان للبترودولار دوره في زيادة دخل الدول النفطية بصورة هائلة، فان تلك الثروة الطارئة اثرت سلبا في أوضاع دول كثيرة، بسبب دور البترودولار السلبي والتخريبي غير الخافي على الكثيرين، وبالتالي كان البترودولار نعمة ونقمة في الوقت نفسه.