نبارك لأعزائنا الطلبة خريجي الثانوية العامة للعام الدراسي 2014/ 2015، حيث أضافوا كوكبة جديدة قوامها عشرون ألفاً من الشابات والشباب ممن سيتوزعون على مقاعد الجامعات المحلية والخارجية والكليات التطبيقية أو المؤسسات العسكرية والأمنية، ومنهم من سيلتحق بسوق العمل مبكراً.
عدد الخريجين هذا العام رغم نسبة النجاح العالية جداً (90% في القسم العلمي و85% في القسم الأدبي) قد يعتبر متوسطاً من حيث الكم مقارنة بالدفعات السابقة التي بلغت ثلاثين ألفاً، ومع ذلك فإن المعدل التراكمي للدفعات المتتالية من خريجي الثانوية قد يصل إلى ربع مليون مواطن خلال عقد واحد من الزمن.
هذا الطوفان البشري في بلد صغير بحجم الكويت قد تستوعبه الخطط الحالية التي تم تكييفها بعد ضغوط مجتمعية وسياسية مكثفة من حيث توفير المقاعد الجامعية فقط، لكن خططنا بالتأكيد بحاجة إلى توسعة مؤكدة لاحتواء هذه الدفعات المتلاحقة في سوق العمل وفق احتياجات الدولة للمورد البشري في مختلف المجالات والتخصصات، وهذه الرؤية ما زالت قاصرة ومحفوفة بالكثير من التحديات.
الأهم من ذلك كله هو استيعاب هذا الجيل الجديد ثقافياً واجتماعياً وفق متطلبات المواطنة المتعددة، لا سيما في ظل الاستقطابات الحادة والعواصف العاتية للأفكار والمتبنيات المتضاربة في مشاربها ومآربها، خصوصاً تلك الملغومة بالتعصب والتطرف والانحراف.
جيل الشباب هو الأكثر عرضة وتفاعلاً مع وسائل المعلومات الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي وعولمة الآيفون والبرودكاست، ويشبه سفينة تبحر أعالي المحيط دونما حسيب أو رقيب، لكن البلاد المحبة للخير والماضية على نهج التنمية البشرية المستدامة، والمتطلعة إلى آفاق المستقبل يجب ألا تفرط ولو بفرد واحد من أبنائها كرافد للعطاء والبناء، وأي انحراف أو خسارة ولو لشريحة صغيرة من هذا النشء لا قدر الله، ستكون تبعاته وخيمة ليس عليها فقط إنما على المجتمع ككل.
ولذا فإن المسؤولية تجاه هذه الكوكبة المطلة حديثاً على حياة اجتماعية جديدة لم تعد محصورة في أسرتها الصغيرة، إنما باتت في عهدة الدولة بمكوناتها ومؤسساتها المتنوعة، الأمر الذي يتطلب أن تكون الدولة ومختلف روافدها وأجهزتها على قدر كبير من الأمانة مع دوران عجلة الزمن، وأن تكون قادرة على تهيئة مكان أفضل ومستقبل أكثر إشراقاً لفلذات أكبادنا لاستكمال حياتهم ومواصلة مسيرة بلدهم بالآمال والطموحات التي يحملونها، لأننا فشلنا في تقديمها لهذا الجيل من الشباب خلال السنوات القليلة الماضية، وحتى لا تلاحقنا لعنة الشباب إلى الأبد!