مبروك النجاح، والمستقبل أمامكم أشد سواداً من الفحم الإفريقي، فستتنافسون على الجامعة الوحيدة، وستتساقطون على أبوابها كأوراق الخريف، وستغرقون في عرض البحر قبل الوصول إليها، وسيجتاز أمواج البحر، يا ولدي، قلة، وقيل بل ثلة، ستقبلهم الجامعة اليتيمة الكئيبة التي تتمنع كما تمنعت ابنة النعمان بن المنذر بن ماء السماء.
وسيحتفل المقبولون منكم بالدخول إلى الجامعة، ولا احتفالات الجيش العثماني بدخول إسطنبول، وستصطدم جباههم الكريمة بالشُّعَب المغلقة، والمباني المتهالكة، والمناهج الصدئة المتآكلة، وستجلسون أمام بعض الأساتذة “القزيزة”، وستطلع عينكم من محجرها، وستُصعَقون صعقاً مبيناً، عندما تعلمون أن تلك الصبية التي تشاهدونها للمرة الأولى في القاعة، حصلت على امتياز مع مرتبة “الشرف الرفيع”، بفضل إمكانياتها الفاخرة ووسائلها وبُنيتها التحتية، وستبكون كما يبكي البُلهاء، أو كما يبكي فاروق الفيشاوي…
وسيدرس طلبة القانون وطلبة الإعلام مناهج من الخيال العلمي، لا وجود لها في أرضنا ولا سمائنا، وسيكتشف طلبة الإعلام، بعد التخرج، أن مناهجهم التي درسوها، لم تتحدث عن الطبلة والمزمار، وسيُفاجأ طلبة القانون بأنهم لم يقرأوا من قبل عن “المرضي عنهم”، وسيتساقط بعضكم، لشدة الضحك، وهو يتذكر أيام دراسته للدستور، ومواد الدستور، والمادة السادسة من الدستور.
ومبروك، ستحصلون، للمرة الأولى في حياتكم، على مخالفات مرور بالجملة والمفرق، لعدم توفر مواقف لسياراتكم عند الكليات المتناثرة. وستسيرون على أقدامكم يومياً، من مواقف السيارات إلى أماكن القاعات، كمسيرة بني هلال في تغريبتهم.
وسيتكدس الراغبون منكم في دخول الكليات العسكرية على أبواب نواب هذا البرلمان الجميل، و”سيلطعونكم” حتى تتخمروا، وسيبكي أكثركم لعدم قبولهم، وسيرقص قلة منكم فرحاً بنجاح الواسطة في تحقيق أهدافهم، وسيتصل بكم شقيق النائب، ليطلب منكم كتابة لوحة شكر له على مساهمته في صناعة مستقبلكم وصياغة حياتكم، لكنه، ومن باب الشهامة، سيطمئنكم بأنه سيتحمل مصاريف الإعلان، وسيقرأ الناس اللوحة، فيثنون على النائب ويشكرون جزيل عطائه…
استمتعوا بأيامكم هذه، خريجينا الكرام، فستكتشفون بعد فترة قصيرة، أن كل ما تعلمتموه ليس إلا “الخرطي المعتق”. ومبروك.