انتهت الانتخابات النيابية في تركيا وحطمت أحلام السيد رجب طيب أردوغان في حصول حزبه العدالة والتنمية على أغلبية الثلثين التي تتيح له تعديل الدستور وتغيير نظام الحكم في تركيا من نظام برلماني يكون فيه منصب رئيس الدولة منصبا شرفيا إلى نظام حكم رئاسي تكون معظم السلطات بيد رئيس الدولة، بل إنه لم يحقق وحزبه حتى أغلبية «النصف +1»، أي أنهم لن يتمكنوا من تشكيل الحكومة بمفردهم، فكانت خيبة أمل ثقيلة وصفتها بدقة مقولة للإخوة المصريين «خيبة أمل راكبة جمل».
والواقع أن السيد أردوغان بالسنوات الأخيرة تكبر على حلفائه وكان أول ضحايا هذا الطغيان حليفه الأهم الداعية فتح الله كولن فبطش به وبأتباعه، وتورطه بعمليات فساد كبرى هو شخصيا وأبناؤه، وزاد طغيانه بعزل وملاحقة رجال القضاء الذين كشفوا فساده وحزبه، وبطش بشعبه وفرض وصايته عليهم عندما حجب عنهم مواقع التواصل الاجتماعي، وتجاوز طغيانه حدود تركيا فتدخل في الشأن المصري بعمق دعما لحركة الإخوان الإرهابية، ومول وسلح ودرب الدواعش بقوة، والذي تجلى في كوباني ضد الأكراد الذين يمثلون جزءا مهما من الشعب التركي، ناهيك عن دعمه للإرهابيين من إخوان ودواعش في ليبيا، ودعمه المفضوح للإخوان الإرهابيين في تونس والعراق وكل مكان، فتم عقابه أو بالأحرى عقاب حزبه عقابا مريرا فبعدما كان يحصد حزبه وحلفاؤه 60 و70% في الانتخابات العامة بالكاد حقق في هذه الانتخابات 40% من أصوات الناخبين.
هذا الأسلوب الذي مارسه السيد اردوغان بالداخل والخارج والذي كان أخطره هو فوزه برئاسة الجمهورية التركية وإعلانه نيته بتغيير نظام الحكم في تركيا من برلماني إلى رئاسي وأنه سيصممه وفق مقاساته، وتجاوزه للدستور والقوانين والأعراف التركية التي تمنع رئيس الجمهورية من التدخل بالانتخابات ووجوب وقوف الرئيس على مسافة واحدة من كل التيارات السياسية، إلا أنه كان يظهر في الإعلام مرتين أو ثلاث مرات يوميا دعما وترويجا لحزب العدالة والتنمية، ما ارعب الشارع التركي حتى المؤيدون له، فصوتوا ضد حزبه خوفا من بناء نظام ديكتاتوري «عفش» عبر نظامهم الديموقراطي على غرار الديكتاتورية التي بناها قبله هتلر او موسيليني، فقرر الشعب منعه بالرغم من أن السيد اردوغان كان في أوج قوته وكل السلطات في يده ورغم ذلك خسر أغلبيته ليس لتعديل الدستور بل وحتى لتشكيل الحكومة.
وبعد هذه الخسارة الكبيرة أعتقد جازما أن أردوغان لن يستسلم بل سيدعو لانتخابات مبكرة ستكون نتائجها خسارة أكبر لحزبه بل وسيخسر مركزه المتقدم الذي حققه في هذه الانتخابات، هذا إذا لم ينهر حزب العدالة والتنمية ويتفرق لأكثر من حزب.
عموما، الحمد لله ذي الفضل والمنة الذي أوقف من خلال وعي الشعب التركي خطة أردوغان، والتي ستكون ضحاياها الشعوب العربية والإسلامية وأوقفوا تطور شخص عانت منه الأمرين تدميرا وتشريدا وهو السيد رجب طيب اردوغان، فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح