ودع عالمنا الاسلامي قبل ايام رجل من خيرة الرجال ، رجل العلم والجهاد ، رجل العمل الرسالي ، رجل القلم والسلاح ، سماحة العالم الكبير اية الله الشيخ محمد مهدي الآصفي الرجل الذي ربى أجيال متعاقبة في مختلف البقاع الإسلامية وحملهم هم الاسلام فكان نعم الأب الملهم والعالم القدوة .
فقد كان لسماحته عدة بصمات وفي عدة مجالات أثرى من خلالها وعي الأمة وبصيرتها الولائية فمن جانب كان إرثه العلمي من كتب ومقالات وبيانات مفتاحاً للشباب الولائي لفتح افاق العلم والمعرفة فأصبحت كتبه منهاجاً يدرس في معركة الوعي والعمل الرسالي ، و ايضاً كان لسماحته دوراً بارزاً في ساحات الجهاد المختلفة فمنذ أيام الكفاح ضد البعث البائد في العراق الى يوم رحيله كانت سمته الوقوف مع المظلومين في كل ساحات الأمة ، وآخرها في ساحة مواجهة التكفيريين الدواعش في سوريا والعراق .
فعندما كان سماحته في العراق كان من اشد المعارضين للنظام البائد فقام مع رفاق دربه بتشكيل مجاميع شبابية كانت لها دور جهادي كبير بوجه الطاغية واعوانه، حتى غادر العراق مجبراً واستقر في الكويت لمدة من الزمن وكان وجوده فيها كالشرارة التي ايقظت الشباب وربطتهم بالإسلام والتدين .
ففي الكويت كان لسماحة الفقيد دور كبير في احياء القيم الإسلامية وزيادة التدين والوعي لدى الشباب فقد ساهم من خلال إمامته للمصلين في مسجد النقي بمنطقة الدسمة وتواجده في جمعية الثقافة الإجتماعية الى حث الجميع للعمل الولائي الرسالي وتشكيل الجماعة الصالحة التي ما زلنا ننعم بوجودها اليوم في كل المجالات السياسية والاجتماعية والدينية ، فكان منبره بحق منارة من منارات الهدى التي يستضاء بها الجميع من ظلام المجتمعات .
وبعدها قرر سماحته الإستقرار في إيران حيث وجد فيها ضالته بعد إنتصار ثورتها الاسلامية بقيادة الإمام روح الله الموسوي الخميني (رض) ، فاشتم رحيقها الى أن ذاب في فكر إمامها النير فأصبح من أبرز الداعين والمدافعين عنه ، كما أنه إستغل وجوده في إيران لمواصلة جهاده ضد نظام البعث الصدامي فاستغل منبره لفضح ألاعيب البعث التي إنخدع بها الكثيرين في العالم العربي .
الى أن عاد مجدداً الى العراق و استقر به الحال في النجف الاشرف بعد الإحتلال الامريكي وإسقاط الطاغية فمارس دوره في كفالة الأيتام والفقراء ودعم المجاهدين في وجه أمريكا وبعد هزيمتها و خروجها المذل ودخول داعش للمنطقة سخر حياته وسنواته الأخيرة (ورغم وضعه الصحي) لدعم المجاهدين الذين لبوا نداء المرجعية وذهبوا للجبهات فكان لهم الأب و الملهم .
وعندما ترجل سماحته عن صهوة جواده وفارق هذه الدنيا شعر الكثيرين باليتم بعده ، فنعاه الكبار والصغار بالدموع والألم و من كافة أقطار العالم ، وتوالت بيانات التعزية وذكر مئاثرة من قبل الكثيرين من مرجعيات دينية وشخصيات سياسية وحركات وأحزاب إسلامية وحركات المقاومة ، فبتنا كلما نقرأ بيان من هنا أو هناك تظهر لنا صفة كانت غائبة عنا من صفاته وفضيلة من فضائله ولن أبالغ ان قلت ان الإسلام بل العالم خسر علم من الأعلام برحيله .
فبرحيله ترك لنا تاريخاً مضيئاً في ميادين النضال السياسي والإجتماعي والجهادي والعلمي ، وورث فكراً ثاقباً وتحليلاً عميقاً حول القضايا الإقليمية سينير للأمة طريقها به .
ختاماً نتقدم بالتعازي الى مقام ولي الله الأعظم الإمام صاحب العصر والزمان (عج) وولي أمر المسلمين وعموم المراجع والمؤمنين برحيل هذا العالم المجاهد الذي أفنى حياته من أجل رفعة الإسلام