وصل الفساد في البلاد لدرجة غير مسبوقة، وهو في ازدياد حتما، فكيف بإمكان موظف واحد تزوير عشرة آلاف معاملة إقامة؟ هذا مستحيل، ليس فقط من الناحية العملية، بل وحتى النفسية، فهو بحاجة إلى مساعدة الكثيرين له وإلى بيئة فاسدة لا تقوم بتهيئة الجو له فقط، بل بحمايته، متى ما كشف أمره. وبالتالي من الواضح أننا نعيش في جو مشبع بالفساد، مشجع عليه، وحام له. ولكن بالرغم من كل ذلك نتمنى، ولا نزال ننتظر، أن يسفر إنشاء هيئة مكافحة الفساد عن شيء ما، فجبل وجمل الهيئة يكبر كل يوم، ولا نتمنى ان يتمخض عن فأر، مع كل تقديرنا واحترامنا للقائمين على الهيئة، فسمعتهم الشخصية، وقبل ذلك سمعة الكويت، محليا ودوليا، بين أيديهم!
وهنا يجب علينا، بين الفترة والأخرى، الإشادة بمن نعرف من نوعيات جيدة بين كبار موظفي الدولة، الذين حافظوا على جميل سمعتهم، بالرغم من كم الإغراءات التي لا بد أنهم تعرضوا ويتعرضون لها كل يوم. ومن أمثلة ذلك أحمد محمد عثمان الموسى، في هيئة القوى العاملة، والذي نتمنى له استلام دفتها العليا قريبا، فهو مثال جيد. كما أن م. احمد المنفوحي، في البلدية مثال جيد آخر، وطال انتظار ترقيته. وهناك م. عادل الأطرم، وفي البلدية أيضا، التي اصبحت كإرم ذات العماد، التي لم يخلق مثلها في الفساد، ومع هذا يوجد فيها أمثال هؤلاء المخلصين!
ولا ننسى في هذه العجالة الإشادة بجهود معالي وزير العدل وزير الشؤون الإسلامية، الذي لم يكتف بتطهير وزارتين من الفساد الذي عشش فيهما لسنوات، بل قام بتطوير أنظمتهما، فلا فائدة من محاربة الفساد من دون تطوير آليات العمل، وتقليل الدورة المستندية وتفعيل الرقابة والمحاسبة.
كما نشيد بجهود، الوزير السابق، ورئيس هيئة اسواق المال، الأخ نايف الحجرف، بالرغم من سمعته الطيبة، وخبرته العملية، فإن من المهم الوقوف قليلا أمام تصريحه الأخير المتعلق بخصخصة البورصة، ورفضه وضع جدول زمني لتحويلها إلى القطاع الخاص. فبالرغم من وجاهة الأسباب التي ذكرها عن ضرورة العمل على جهوزية الشركة، قبل تخصيصها، فإنه رفض تحديد موعد محدد للانتهاء من ذلك. وقد تعارض تصريحه، إلى حد ما، مع ما ذكره رئيس شركة البورصة، خالد الخالد، وفي المؤتمر الصحافي نفسه، من أن هيئة الاسواق منوط بها تحديد الشروط والاجراءات التي بناء عليها يتم تحديد مواعيد عملية الخصخصة، إلا ان ملامح الاستراتيجية المستقبلية للشركة بينت جهوزية الشركة لتولي ادارة السوق بعد ان يصدر تفويض بذلك من هيئة الاسواق!
وبالتالي نطالب هنا رئيس هيئة الأسواق بشفافية أكبر، وتحديد تاريخ نهائي للخصخصة، بحيث يكون هدفا يلتزم به الجميع.