أغرب ما أفرزته انتخابات رئاسة الفيفا الأخيرة والتي فاز بها جوزيف بلاتر هي تناقضات الغرب، خصوصا أميركا أوباما وبريطانيا الغاضبتين على الفيفا التي حرمت بريطانيا وأميركا من تنظيم مونديال 2018 لصالح روسيا و2022 لصالح قطر، بيد أن ما أشعل نيران حقد وغضب الاتحاد الأوروبي الذي أدى للانقلاب حتى على الأسس الديموقراطية، هو تفضيل روسيا على بريطانيا لتنظيم مونديال 2018، ذلك أن الأوروبيين في حرب باردة تكاد تتحول بين الحين والآخر لساخنة بسبب الصفعات المتتالية التي توجهها روسيا للغرب في أوكرانيا، وبينما هم يحاولون بكل ما يملكون من قوة محاصرة روسيا وعزلها فصدموا بفوزها بتنظيم المونديال.. فهل يقاطعون والمقاطعة تعني عزل انفسهم وفرقهم؟ فلم يجدوا سبيلا للخروج من هذا المأزق إلا بالإتيان برئيس للفيفا ليعيد النظر في تنظيم روسيا للمونديال، خصوصا أن بلاتر أعلن رفضه لإعادة النظر في تنظيم روسيا وقطر للمونديالين على اعتبار أن قرارات الفيفا نهائية ويترتب على التراجع إساءة كبرى لمصداقية الفيفا، ناهيك عن كون قرارات الفيفا ترتب مركزا قانونيا للدولة الفائزة بالتنظيم ويجعلها تصرف الأموال.. فمن غير المعقول أن تقوم بهدم مصداقيتها لتحقيق بعض المآرب السياسة، فوجدنا بريطانيا تهدد بأنه في حال إعادة انتخابات السيد بلاتر فإنها ستنسحب من الفيفا منقلبة على أسس الديموقراطية فإما أنظم المونديال وإما أنسحب.
ولمنع انتخاب بلاتر وجدنا أميركا وقبل الانتخابات بيومين تقوم بعملية قبض هوليودية على بعض القياديين السابقين بالفيفا الذين تم إقصاؤهم من الفيفا بسبب فسادهم وألصقوا تهم فساد بالسيد بلاتر، ولكن كل هذه المؤامرات فشلت وفاز بلاتر، وتواصلت المؤامرات التي تشبه إلى حد كبير تأمرهم على العرب بدعم إرهاب داعش والنصرة والإخوان الذي اعلنوا الحرب عليهم بينما هم يدعمونهم من خلف الستار..؟
المهم استمر التآمر الى أن اجتمعت الاتحادات الأوروبية واعلنوا انهم يبحثون مقاطعة الفيفا أو مقاطعة مونديال 2018 الذي سيقام في روسيا.. وهم سيقاطعونه على أي حال، فقد قاطعوا احتفالات روسيا في ذكرى الانتصار في الحرب العالمية الثانية، وهي ذكرى انتصار أوروبا وتحريرها من الاحتلال النازي، فكيف سيحضرون دورة لكرة القدم في روسيا التي ما انفكت توجه لهم الصفعات المتتالية فبعثرت هيبتهم على الأرض؟
والواقع أن رد بلاتر على الاتحاد الأوروبي لم يخل من الخبث العميق، فقد أعلن استقالته التي ستدخل حيز التنفيذ بعد انتخاب خلفه، ودعا الجمعية العمومية للانعقاد في الفترة ما بين 30 ديسمبر و30 مارس 2016 فنزع من ايديهم سلاحهم الفتاك في حكاية الفساد إياها والتي هي سمة تتسم بها معظم المنظمات الدولية وليس بعيدا عنا قصة النفط مقابل الغذاء أيام المقبور صدام وغيرها الكثير، بل إنهم لماذا سكتوا عن الفساد في الفيفا كل هذا الوقت وانتظروا لما قبل انتخابات الفيفا بيومين؟
والأهم لماذا يقبضون على من طردهم بلاتر بسبب فسادهم؟ المهم أن بلاتر بإعلان استقالته أعتقد أنه سيلاعبهم بالوقت ففيها كسب الرجل عشرة أشهر تقريبا وهو في منصبه وسيوقف هجومهم خلال هذه الفترة، وفي الوقت نفسه منح وقتا لاستقرار الفيفا ومنحها مهلة لتنفيذ قراراتها في مونديالي 2018 و2022 وأخذ فرصة واسعة لاختيار خلفه والذي اعتقد أن أبرزهم الشيخ أحمد الفهد، وذلك للحفاظ على استقلالية ومصداقية الفيفا ومنع استغلالها كمخلب قط لخدمة أغراض سياسية مشبوهة، كما انه نزع من ايديهم عذرا منطقيا لمقاطعة مونديال روسيا، فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح