بعض علماء النفس، وبعض ذوي الخبرة، يقولون في تعريف “الخارق”: هو من يخرق قوانين الطبيعة.
والعلّامة علي الوردي، رحمه الله، يقول في كتابه العظيم “من وحي الثمانين”، ما معناه: “المجتمعات تسيطر عليها الأنا الاجتماعية، بحيث تفرض سطوتها على الأنا الفردية”، ثم يشرح أهمية الأنا الفردية في تطور المجتمعات، وأنه لولا الخشية من الأنا الاجتماعية، لتَخَلص الناس من بعض المعتقدات الخاطئة، ولكسروا القوالب القديمة، وطوروا أنفسهم ومجتمعاتهم.
ويسجل الوردي ملاحظة هامة: “إن أكثر الناس، ولا سيما العوام منهم، هم الذين تسيطر عليهم الأنا الاجتماعية سيطرة قوية، بحيث لا تسمح للأنا الفردية بالتأثير عليهم بشكل ظاهر”. ثم يوضح النقطة الأهم: “الذين يظهر عليهم تأثير الأنا الفردية قليلون بالنسبة إلى السواد الأعظم، وهم فئتان، إحداهما متمردة نحو الأعلى، وتتمثل في المصلحين والمجددين والنابغين، والأخرى متمردة نحو الأسفل، وتتمثل في المنحرفين والمجرمين والمعقدين والمجانين، ومن أشبه”.
وهنا مربط الفرس، أو مربط المقالة، التي تطالب بالتخلص من المعتقدات القديمة الخاطئة، التي ترسخت إلى أن قاربت الأحكام الدينية، وأهمها، وهذا سبب كتابة المقالة هذه، رفض زواج الشاب الخليجي من البنت الخليجية المنحدرة من أصول معينة، خوفاً من المجتمع وسطوته، في حين لا يرفض هذا المجتمع زواج الشاب الخليجي “الأصيل” من فتاة تنتمي إلى جنسيات أخرى وثقافات مختلفة كلياً، مثل الهند والفلبين ومصر والمغرب وبلدان أوروبا وغيرها…
ليش؟ لأن المجتمع السابق، الذي “شرّعَ” هذه القوانين، كانت ثقافته وحدود معرفته محلية للغاية، فلم يكن يعرف، ولا يتوقع، أن يتزوج أحد أحفاده بفتاة من اليابان، على سبيل المثال، ولعله لا يعرف اليابان، كدولة، من الأساس. وهو ما اعتبره بعض الشبان “ثغرة في القانون” يمكن أن يتسللوا من خلالها.
ثم من قال إن عادتنا هي الأفضل، في طول الأرض وعرضها، بما يجعلنا نرفض من لا يعتقد بها؟ حطوا من ركابكم أيها السادة، وراجعوا أنفسكم ووضعكم الحالي، لتعرفوا إلى أين أوصلتكم عاداتكم، وإلى أين أوصلت الآخرين عاداتهم.