كتب خليل حيدر مقالا، في 26 ـــ 5 ـــ 2015، يطرح فيه موضوعا مهما لا بد أن يطرح للحوار، لإنطوائه على أبعاد كثيرة حساسة، وربما خطيرة، وهو: «لماذا يقف الشيعة مع إيران؟»، وأورد عددا من الأسباب، أو قل ما يراه هو ربما وبعض الشيعة مبررات للوقوف مع إيران.
بعد قراءتي للمقال، خلصت بنتيجة محددة الى أن هناك أمورا قصد الكاتب إسقاطها أو فاته الإشارة إليها، لذا فمقالته برأيي لم تكتمل، اما أسباب عدم اكتمالها فأوجزها بما سأذكره لاحقا، لأنني كنت أتطلع أن أجدها في المقالة، ولكن لم أجدها، أما ما أحصاه الاستاذ خليل من أسباب فهي:
1 – هيمنة عقلية أو نفسية «الأقلية المهددة».
2 ـ الاعتقاد ان ايران دولة تمثل المذهب الشيعي، يقودها رجال دين وعلماء شيعة بارزون، فطاعة مثل هذه الدولة كطاعة نظام الخلافة.
3 ـ أن ايران وثورتها، تجابهان منذ عام 1979 حملات ظالمة من خصوم كثيرين.
4 ـ يعتقد عدد كبير من المتعلمين والمثقفين الشيعة، وربما حتى بعض اهل السنة، ان الجمهورية الايرانية نموذج سياسي، اقتصادي، اجتماعي وديني ناجح.
5 ـ الكثير من الشيعة يرى مشاكل ايران وسلبياتها وتخبط سياساتها وتدخلاتها غير المبررة، ولكنه يتجنب نقد ايران علنا وبشكل مكتوب مطبوع، لأسباب غير دينية في بعض الاحيان، خصوصا مصالحه الخاصة.
اما ما كنت أتمنى قراءته فهو:
1ـ أيا ما كان شعور الشيعة «بتهديد الأقليات»، رغم أنه تهديد ليس له وجود حقيقي في معظم الدول العربية والإسلامية، فقد مضى التعايش السياسي والاجتماعي، بل والاقتصادي للشيعة بين الأغلبيات السنية دون انتقاص أو إجحاف لعقود طويلة، غير أن الثورة الإيرانية وشعاراتها هي التي أحيت فكرة «الأقلية المهددة» لاستثمارها مذهبيا وسياسيا.
2 ـ ان مجاميع من الشيعة في اندفاعها نحو إيران غلبت الولاء الخارجي على الولاء والانتماء للدولة الوطنية التي هم جزء منها، ولا ينزه بعض السنة المتطرفين من انسياق مماثل، مع الفارق أن إيران دولة، وهو تغليب خاطئ من الشيعة بكل أسف، وكان ولا يزال يسع من يعتقد أن إيران كدولة الخلافة التي ينشدها أن يهاجر ويستقر فيها، وهو تناقض لا مبرر له سوى شعورهم بعدم الترحيب بهم هناك، ما يلزم تنقية ولائهم لدولهم.
3 ـ إن المنهجية التي يعتقدها الشيعة، وهي فكرة التبعية المذهبية، ويشير اليها خليل حيدر، بواجب الطاعة للإمام الفقيه، وهي فكرة مبتدعة لدى الشيعة وطورها الخميني، هي أساس إشكالية الولاء للدولة الوطنية والانسلاخ عن ولائها، وقد بلغ أقصى مراحله الخطرة في «نموذج نصرالله في لبنان»، الذي رهن كل شؤون بلده بتصرف إيران وإملاءاتها، حتى صار لا تفرقة بين إيران وحزب الله اللبناني، إلا كونهما كيانا واحدا. وهذا نموذج خطير يهدم الدولة الاقليمية والانتماءات الوطنية، ولا حل لها سوى هجرة هؤلاء لإيران.
4 ـ إن كلا من إيران وبعض الزعامات الشيعية في الدول العربية تستثمر البعد المذهبي لمكاسب سياسية، فإيران تحقق ذلك عبر شعارات تصدير الثورة ونصرة المستضعفين، وهي مغامرات سياسية تهدف الى جعل الأقليات وقودا لنزاعاتها، أما بعض الزعامات الشيعية فاستثمرت تحالفها مع إيران، لتعزيز زعاماتها وتحقيق دور أكبر في بلادها، كما هو موقف حزب الله اللبناني، وحزب الدعوة العراقي، وأخيرا الحوثي في اليمن، رغم أن الزيدية من فرق السنة، وقد ضاع جمهور الشيعة وأولئك بسبب هذه التكسبات، التي يسير وراءها معظم الأحيان بلا قناعة، بسبب الانقياد المذهبي.