عادت قضية الطائفية ووضع الاقليات في الوطن العربي والخليج تطرح نفسها بقوة في هذه الفترة العصيبة والحرجة من تاريخنا الحديث.
لقد اصبحت قضية الطائفية من المشكلات التي تحتل المرتبة الاولى من اهتمام الباحثين في علم الاجتماع والسياسة لكونها احدى ادوات الصراع السياسي والايديولوجي الذي يدور اليوم في مجتمعاتنا.
لقد كنا نتصور مخطئين ان القضية الطائفية محصورة في لبنان وسورية والعراق لكن الحرب الطائفية بدأت تمتد الى كل ارجاء الوطن العربي ووصلت اخيرا الى دول الخليج العربية سواء في البحرين أو السعودية التي تشهد هذه الايام حربا طائفية يثيرها المتطرفون من ارهابيي القاعدة وداعش ومن يناصرونهم.
محلياً بدأت تظهر لدينا دعوات طيبة وصادقة تدعو الى محاربة الطائفية ونبذها وتطالب بتعزيز الوحدة الوطنية حتى ان الجمعية الثقافية الاسلامية التي تأسست في الستينيات من القرن الماضي على اسس طائفية نراها اليوم ترفع شعار الوحدة الوطنية وتوزع صكوك وشهادات الوحدة الوطنية على بعض اعضائها والناشطين في مجتمعنا.
نحن نؤيد شعار الجمعية الثقافية الداعي للوحدة الوطنية واهمية تعاون الجميع لمحاربة الطائفية والارهاب.. وهذا امر مقبول ومطلوب لكن علينا ان نؤكد دائما ان محاربة الطائفية البغيضة لا تحقق اغراضها بالتركيز على ندوات ومحاضرات التوعية فقط او حتى انشاء وتأسيس جمعيات نفع عام هدفها محاربة الطائفية وسن قوانين تدعو للوحدة الوطنية.
معالجة الوضع الطائفي في الكويت تتطلب دراسات واقعية وصراحة بالطرح واهمية متابعة جذورها ومنابعها واسباب ازدهارها في مجتمعنا، القضية الطائفية معقدة وعميقة ولا تعالج بالنيات الطيبة والندوات لانها مرتبطة بقوى الاسلام السياسي بسنتهم وشيعتهم.. هذه القوى تسعى الى اقامة دولة دينية وقد ساعد افول التيار القومي العروبي الى طرح افكار هذه الجماعات، كما ساعد التعصب المذهبي والقبلي وسياسة التفرقة في المجتمع الواحد على بروز هذه الظاهرة.
الامر الذي لا تفهمه دول الخليج هو ان جماعات الاسلام السياسي التي تتحالف معها تنظر للاسلام كدولة بينما نحن نرى ان الاسلام دين وليس دولة فالولاء السياسي في الدولة الدينية للدين وليس للارض أو الوطن أو القومية.
جماعات الاسلام السياسي سواء كانت سنية أو شيعية لها منظور عقائدي ايماني مطلق يرفض التعامل مع الآخر حتى وان كان مواطنا مثله، فالتطرف الديني والارهاب السياسي والفتنة الطائفية كلها قضايا مرتبطة ببعضها البعض لا يمكن فصلها، فلا استقرار ولا وحدة وطنية في ظل دولة التشدد، القضاء على الطائفية هو بتعزيز مفهوم المواطنة في دولة دستورية حديثة عمادها القانون والدستور.