التعصب الديني يعد أخطر فكر على البشرية ودائما ما تكون نتائجه وخيمة على كل المجتمعات الآمنة بمختلف أفكار ومعتقدات أصحابها الدينية المختلفة.
التصعب هو داء موجود منذ ظهور المعتقدات والديانات السماوية، وإذا تطرقنا إلى زمن العصور الوسطى في أوروبا، وتحديدا إبان الحروب الدينية، فسنجد ضحايا التعصب والتطرف الديني حكايات قابعة في الظلام، حكايات لوحتها مرسومة بريشة الكراهية والعنصرية، وختامها دماء مئات الآلاف من الأبرياء.
لقد تجاوزت أوروبا غيمة التعصب الديني عندما اتفقوا على عزل الدين عن السياسة والعمل على بناء الدولة الحديثة، الأمر الذي جعل اهتمامهم بالنظريات العلمية بهدف التطوير والحصول على حياة آمنة بعيدة عن الحروب الدينية التي لا يوجد منتصر في ساحاتها الدموية، وهذا ما أكده التاريخ.
واليوم لا نرى أي ولادة جديدة للتعصب الديني في جميع دول أوروبا، ونهجهم اليوم هو ترك حرية الديانات والمعتقدات مفتوحة للكل بدون أدنى إقصاء لأي طرف من الأطراف الدينية أو المذهبية، وأصبح الاحترام والتعايش السلمي مبدأ إنسانيا وهو أساس حياتهم اليومية بعيدا عن أي تعصب ديني نتن، واصبح العمل والعطاء والإنجاز هو قاعدة التعامل في علاقاتهم المهنية.
ولو انتقلنا إلى دول شرق آسيا وغيرها من الدول، فسنجد مبدأ التعايش السلمي هو أيضا أساس حياتهم اليومية على الرغم من تعدد الديانات والمعتقدات في بلدانهم، وحتى لو كان هناك بعض التعصب إلا أنه لا يذكر ولا يتجاوز بعض النقاشات التي تنتهي في وقتها، هذا دلالة على أنه لا حل حقيقيا لإنهاء التعصب إلا التعايش السلمي وارتقاء وتطور البلدان بعيدا عن النزاعات الدينية، خاصة أن التعصب الديني ليست له بطولات تتوج.
كل التجارب المأساوية التي خلفها التعصب الديني انتهت بحلول واقعية، وإذا اتبعناها فقد نجني ثمارها بعد زمن بعيد، أبرزها هو إبعاد الدين عن السياسة حتى لا ننهار ونتحول إلى غابة يأكل القوي فيها الضعيف بذريعة الشريعة، هذا لا يعني أنني ضد الدين وقد يفسره البعض هكذا، ولكن هو الحل الذي أراه مادامت مجتمعاتنا غير قادرة على ممارسة الدين الحقيقي المبني على أساس التعايش السلمي ونبذ التطرف.
ولا أستبعد أي تخطيط صهيوني خبيث وضع ريشته لتشويه الإسلام من خلال بعض المسلمين منذ عقود من الزمن، وهذا التخطيط دائما ما تجدونه ينجح في ساحات الجهل التي تحمل رايات العنف والتشدد وردة الفعل السريعة بترويع وقتل الآمنين باسم نصرة الدين.
أداة التطرف دائما ما تكون في الخطاب الديني المتشدد والذي نراه من البعض في بث سموم الكراهية والأحقاد والتكفير، وإذا استمر هذا النهج الإقصائي الخطير وتركناه يلعب في الساحة من دون محاربته بفكر مضاد، فسنجني كارثة أكبر في النهاية.