ليس أسهل من السير مع الموجة الكبرى، وكتابة تصريح بلاستيكي، يصلح لكل المواقف الحزينة، ويناسب كل حوادث التفجير والإرهاب، كما يفعل بعض الساسة، والباحثون عن ظل الأشجار المثمرة.
ليس أسهل من قول: “ما حدث في مدينة الدمام السعودية، من محاولة تفجير مسجد أثناء اكتظاظه بالمصلين، نتج عنه سقوط شهداء ومصابون، هو إرهاب خسيس وجبان، لكننا متأكدون من أن الأشقاء في السعودية على قدر المسؤولية، وسيتمكنون من إطفاء حرائق الفتنة”. هذا تصريح سريع، كتبته من دون تفكير، وبإمكاني كتابة سبعة تصريحات مشابهة، أحدها بالتراب.
خذ تصريحاً بلاستيكياً آخر: “ما يفعله الإرهابيون ليس من الإسلام في شيء، فديننا دين تسامح وتعايش”، أقول هذا ثم أسوق أمثلة على طريقة رسولنا الأكرم مع جاره اليهودي… وهكذا.
ثم ماذا؟ ثم يرقص الإرهاب، ويهز ذيله دون اكتراث، ويعلن عن موعد حفلة جديدة، تتساقط فيها الجثث كأوراق شجرٍ في خريف، وتتعالى فيها آهات الأمهات الثكلى، وتتلون الشوارع باللون الأحمر الداكن، وترتفع أعمدة الدخان.
ثم يتسابق البلاستيكيون، مرة أخرى، لتسجيل المواقف، وإطلاق تصريحات بلاستيكية مكررة، مملة، غبية، أرخص من الحبر الذي كتبها… وهكذا، كلما انفجرت الماكينة، تفحصنا العجلات، واستبدلناها بعجلات جديدة، لتنفجر الماكينة مرة أخرى، وثالثة، ورابعة، وعاشرة، ونستمر نتفحص عجلات سيارتنا…
سيداتي سادتي، احتفظوا بمخزونكم من الدموع والآهات والأكفان، فالمؤلم لم يأتِ بعد. احتفظوا بها، ما لم تسعوا جادين إلى اجتثاث الإرهاب بالطرق التي تعرفونها ونعرفها؛ العدالة، ومحاسبة اللصوص، وإكرام الإنسان، ومحاربة المتطرفين، لا تقريبهم، سواءً من رجال الدين، أو من رجال الدنيا، ونشر الدين الصحيح، القائم على الفضائل، لا الفضائح، الذي لا يهتز عندما يطلب المسؤول الأمني خلع النقاب للفحص، ولا يُعتَبر هتكاً للعرض، كما يسوّق بعض الأغبياء المتشددين، فنحن في زمن أصبح فيه النقاب أداة جريمة، يحرص على توفيره الإرهابيون، قبل توفير المتفجرات… وأمور أخرى، إن ذكرتها، قد تعرضني للملاحقات القانونية، لكنكم تعرفونها، وتعرفون أهميتها وجدارتها.
وإلى إن يتم ذلك، سأتمنى أن يخفف الله آلام المصابين، وأحزان المكلومين.