من الأخبار الطازجة عن بعض مسلسلات الفساد والموقف الرسمي منها حول العالم استقالة وزير المالية الروماني على خلفية الحصول على رشوة مقدارها 2 مليون دولار (أي ما يعادل 500 ألف دينار كويتي) مع تحويله إلى القضاء لمتابعة الشق الجنائي لهذه الجريمة، مع العلم أن رومانيا حديثة العهد بالديمقراطية بعد عقود طويلة من الحكم الشيوعي المطلق، أما تاريخ طرد هذا الوزير فكان في شهر مارس الماضي!
في بولندا الشيوعية سابقاً أيضاً تمت إقالة وزير الداخلية، وهو منصب سيادي طبعاً لتدخله عبر تسريب المعلومات وإعاقة هيئة مكافحة الفساد في إحدى الفضائح المالية، وفي المقابل اضطر رئيس الوزراء في كوريا الجنوبية إلى تقديم استقالته بعدما أدين بتلقي رشوة مالية قيمتها 28 ألف دولار (أي نحو 8 آلاف دينار كويتي) وذلك في أبريل من هذا العام!
أما النساء فقد كنّ أكثر شهامة، حيث اعتذرت وزيرة الثقافة البريطانية للبرلمان وخرجت من الحكومة لأنها امتنعت عن سداد 5800 جنية إسترليني (أي أقل من ثلاثة آلاف دينار) كمستحقات للدولة، في حين استقالت وزيرة سويدية لأنها ملأت خزان سيارتها بالبنزين باستخدام بطاقة ائتمان حكومية بقيمة 60 دولاراً فقط (أي بعشرين دينارا لا غير).
الفضيحة العالمية الكبرى الجديدة هي خبر إلقاء القبض في سويسرا على ستة من كبار مسؤولي الاتحاد الدولي لكرة القدم بسبب شبهات تضخم أرصدتهم البنكية بقيمة 150 مليون دولار (50 مليون دينار) على مدى العشرين سنة الماضية، وجار التحقيق في هذه القضية التي هزّت العالم دون أي اعتبار أو حشيمة حتى لجوزيف بلاتر الذي يعد أكبر شخصية رياضية عالمية اليوم؟!
هذه بعض نماذج ملاحقة الفساد في عام 2015، في حين عندنا في الكويت يعاد انتخاب أعضاء في السلطة التشريعية الموكلة لها أساساً مهمة الرقابة والمحاسبة، بعدما تضخمت أرصدتهم في غضون ستة أشهر فقط بقيمة 90 مليون دينار على أقل التقديرات! وعلى الرغم من أن هذا الملف لم يغلق نهائياً، وإذا بفضيحة أخرى تظهر مفادها أن عددا كبيرا من النواب قد وردت أسماؤهم في الاستحواذ غير القانوني على مزارع، مساحة أقل واحدة منها 50 ألف متر مربع، إضافة إلى مئات العقارات التي تم شراؤها أثناء الخدمة البرلمانية، بعضها نقداً وعدّاً، ومع ذلك لم تجرؤ لجان التحقيق في مجلس الأمة على نشر تقاريرها، أو حتى رفعها للرئيس، ناهيك عن الإعلام والرأي العام الكويتي!
الكويت هي من الدول النادرة في العالم التي لم تكشف عن قضية فساد واحدة، ولم يحاسب أي مسؤول سياسياً ولا جنائياً منذ الاستقلال على خلفية الفساد المالي أو الإداري وفق دلائل ومستندات موثقة، وإجراءات قانونية رصينة ومتكاملة ونهائية.
المفارقة العجيبة إذا قارنا نماذج 2015 حول العالم مع الحالة الكويتية بما في ذلك فضائح الفيفا الأخيرة، نجد أن مبالغ الاختلاس زهيدة جداً، ومقابل ذلك فقد حققت تلك الدول إنجازات باهرة على الأقل، وعلى يد أولئك الفاسدين فيها، ومع ذلك فقد تم عقابهم دونما رحمة.
يا ريت نستبدل بعض مسؤولينا الفاسدين بأولئك المفدسين في الأرض إذا كانت الحكومة مصرة على مثل هذه المعايير، فعلى الأقل كلفتهم على المال العام أوفر وإنجازاتهم أكثر!