في قلب كُلٍ مِنّا يسكن طفل يهوى اللعب و يبحث عن الأم و دفئها ، طفل لا يترك غيمةً عابره إلا أَدْخَلَ يَدَهُ فيها بحثاً عن مطر ، مطر يرقص تحته و يُبلل شعره ، مطر يصنع منه مملكته الطينيه ، مطر يروي ظمأه للأشياء التي تُشبهه ،
طفل دموعه طريقته الوحيده لِـ طلب حاجاته ، طفل يُريد كُل شيء و بِبَرَاءَة ، كَبُرْنَا يا أمي كَبُرْنَا جداً حتى بِتْنَا نَتَحَسَّسْ قلوبنا هل مازالت في صدورنا ، كَبُرْنَا حتى بِتْنَا عالقين في الماضي و نأبى هذا الحاضر ، عقولنا هَرِمَتْ و قلوبنا مازالت تنبض طفلاً صغيراً ، نُريد الركض و اللعب تحت المطر ،
نريد كُل شيء و بلا ثمن لأننا أطفال ، ربما سرقوا أحلامنا الجميله ربما شوهوا جمال كُل شيء يا أمي لكن هذا الطفل القابع في نفوسنا لم تصله أيديهم بعد ، مازال ينبض حُباً و مازال طاهراً ، مازال الطفل الذي يسكننا يُردد :
لا تبتئس ..
إن الرحيل رفيقنا ..
لا تبتئس ..
فـ الريح تدفع أشْرِعَه ..
كبرت أحلام الطفل و عجز عن تحقيقها ربما و حقق بعضها ربما إلا أنه بعد كل هذه السنين تيقن أنه لا شيء أجمل من أن يطول بِهِ المُقام طفلاً يبكي عند من يُحِبْ لِـ تتحقق رغباته ، طفلاً لا يملك متاهه أكبر من “عَدّ أصابعه” و في كُل مره يفقد أحدها ، طفلاً لم تُصِبْهُ لوثة “لا تعلم إسم أمك” ، طفل يعتنق الحب فِكْراً لِـ يتعايش مع واقعه فقط ، الآن يا أمي يسكننا هذا الطفل الرائع لكننا لا نجد من نبكي أمامه ،
من نرتمي بين أحضانه ، طفل أصبح أسيراً في صدوراً خوف الآخرين ،
أمي لقد أصبح يسعى الجميع لإصلاحنا بينما هذا الجميع يحتاج من يُصلح أبواب و نوافذ منزله ، لسنا ملائكه و نُخطىء بلا شك و نحتاج من يُرشدنا لكن لا أحد يتقبل نصيحة دكتور ينهى عن التدخين و هو مُدخن ، لقد أصبح “الإصلاح” و “النُصح” حُجه للتدخل في خصوصياتنا ، أمي أصبح هذا الطفل مُحاصراً بِـ سوء من يحيطون بِه ، لكنه مازال صامداً يُقاوم ، مازال ينتظر عبور الغيم و نزول المطر لِـ يكشف عن رأسه و يدعوا لَكِ و لَه ..