يقول المثل البحريني الشهير «عين عذاري تسقي البعيد وتخلي القريب»، وهو ما ينطبق على سياسة الإحالات للتقاعد التي تسير عليها مؤسسات الدولة، بكل أسف، حيث يحال الكويتي الى التقاعد لأن خدمته بلغت 30 أو 35 عاما، ويتم الإبقاء على غير الكويتيين، وقد تجاوزوا السبعين عاما، بل وتمت إحالتهم للتقاعد في بلدهم مصر الكنانة تحت مسميات وتعاقدات غريبة وعجيبة، فمنهم من يسمى مستشارا أو خبيرا أو أخصائيا أو اختصاصيا، أو زائرا أو مؤقتا، وكل ذلك بغرض تعيينهم أو إبقائهم بوظائفهم، ولم يعد لدى بعضهم أي قدرة صحية، بل وعدم قدرة ذهنية لكثرة الذهول والشرود وفقدان الذاكرة، وأخيرا ليس لدى بعضهم أمانة المستشار، لأنه يشعر بأنه في بلد لا يتمتع بمواطنيه، حتى لو طال الزمن الذي قضاه فيه وتوطدت علاقته به، لكن ذلك مسلكه وبكل أسف.
لقد بالغت الحكومة وتجاوزت كل القوانين حينما أطلقت سياسة «تفنيش مبرمج للمواطنين» عن طريق ما سمي «إحالة الى التقاعد بعد 30 أو 35 سنة خبرة»،
أي أن من يحال الى التقاعد يكون ما بين سن الخمسين والسبع والخمسين، أي أنه في مرحلة نضج وتكامل خبرته واستقرار أحواله، فيأتي له فجأة قرار الإحالة الى التقاعد الذي يهدد استقراره المالي ومن ثم الأُسَري، وهو مخالف للدستور، ولسن التقاعد، وهو 65 عاما، كما بينا في دراسة سابقة، وبكل أسف يمارس الوزراء ذلك ربما رغبة في تعيين أصدقائهم أو أقربائهم، أو من يطلب منهم ذلك، على حساب هذا المسكين، والأدهى والأمر أنه يتم التمديد لغير الكويتي بعد الخمسين حتى بلغ بعضهم مشارف الثمانين وهو لا يزال يعمل، والأمثلة على ذلك كثيرة في وزارات التربية والصحة والشؤون والعدل وديوان الخدمة المدنية والفتوى والتشريع والتجارة والمالية، فضلا عن المؤسسات والجهات الحكومية ذات الميزانيات المستقلة أو الملحقة، في الوقت الذي يحال فيه الكويتي الى التقاعد من دون أن يكون مقصرا، أو بلا ترتيب مالي مناسب ومن دون تخيير، مما يثير التساؤل حول سبب تفشي هذه السياسة العشوائية؟!