سنت جريدة «الجريدة» الكويتية سنة حسنة، بوضعها الكثير من المواد الصحافية، التي تبدو في ظاهرها وكأنها أخبار صحافية، ضمن إطار محدد، والاشارة الى أن مادتها إعلانية تسويقية، وليست خبراً حقيقياً. وهنا نطالب كل الصحف الأخرى باتباع أسلوب جريدة «الجريدة» نفسه، من منطلق حماية القارئ من الإعلانات المضللة، علما بان غالبية الصحف والمجلات الغربية المحترمة تتبع هذا الأسلوب من عقود طويلة، وسبق أن كتبنا عن هذا الموضوع. وليس غريبا أن تمنع محطات التلفزيون الوقورة مذيعي نشرات الأخبار فيها من المشاركة في أي برامج أخرى، لكي لا يختلط الأمر على المشاهد في ما يسمعه من المذيع في أي برنامج آخر، ويعتقد أن ما يقوله هو خبر قابل للتصديق، في الوقت الذي يكون فيه إعلانا تجاريا مدفوع الثمن.
وسبق ان حذرنا أكثر من مرة من قيام بعض اصحاب العيادات الطبية، وبينهم وزيرا صحة سابقان، بالترويج شبه اليومي لمهنهم، ومهاراتهم، ونجاح عملياتهم الجراحية، وهذا ما يجب أن تمنعه الأخلاق الطبية قبل القوانين. ففي الدول التي تحترم نفسها تمنع قوانينها، أو اخلاقيات مهنها الطبية، نشر إعلانات طبية بخلاف تلك التي تتعلق بتغيير مكان العمل أو الانتقال لعيادة جديدة او الانضمام لجهة جديدة. وعلى الأطباء احترام مهنهم الإنسانية والترفع عن مثل هذه الطريقة الترويجية.
ويذكر أن الآلاف في الكويت، على الأقل، قاموا بإجراء عمليات، كربط أو تدبيس أو تكميم أمعائهم، مدفوعين فقط بإعلانات هؤلاء الأطباء، من دون ان يكونوا في الحقيقة في حاجة الى إجرائها، فمن يتحمل خطأ هؤلاء الأطباء/ التجار؟ كما توفيت فتاة كويتية قبل ايام نتيجة تناولها أقراص تخسيس وزن أعلن عنها في الصحف.
كما سبق أن حقق بعض المحتالين، ولا يزالون، ثروات من بيع عسل أطلقوا عليه صفات عجيبة، وكيف أنه يشفي من الأمراض، طبقا لنص ديني، وأنه معجزة، وهو قد يكون محتويا على مواد مثل الكورتيزون، الذي يصعب اكتشافه بالتذوق، لتخفيف بعض الآلام.
إن مسؤولية هذه المخالفات تقع على عاتق الجمعيات المهنية، التي يجب الا تقتصر أنشطتها على الدفاع عن مصالح المنتمين لها، بالهرولة للحصول على أعلى الأجور لهم، وتحسين سلم رواتبهم، بل بمنع المخربين منهم من التأثير السلبي على سمعة بقية العاملين الشرفاء في القطاع، فالكثير من الأطباء الذين احترموا «شرف» المهنة دفعوا الكثير بسبب سوء تصرف البعض الآخر.