شكّل سقوط مدينة الرمادي بيد تنظيم الدولة الاسلامية «داعش» صدمة للكثير من المتابعين للمشهد العراقي، خصوصا أنها تتعرض لقصف من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية مُنذ أكثر من شهرين.
وبسقوط الرمادي أصبح القتال يركّز حالياً على الدفاع عن العاصمة العراقية بغداد! التي تبعد عن الرمادي حوالي 70 كيلو متراً.
أما أسباب هذا التحول العسكري لمصلحة «داعش» فهناك اختلاف في الاستراتيجية لمحاربة هذا التنظيم بين الإدارة الأميركية والحكومة العراقية ومن يدعمها، فالرئيس أوباما يحاول معالجة أسباب نشوء هذا التنظيم، وهو يعتقد أن سياسة الحرمان والإقصاء التي اتبعتها الحكومة السابقة لنوري المالكي هي سبب رئيسي لبروز هذا التنظيم على المشهد بهذه السرعة، أما الحكومة العراقية الحالية فتحاول معالجة نتائج المشكلة وليس أسباب نشأتها، فهي تعتمد على القوة العسكرية فقط من دون احتضان البيئة الحاضنة لهذا التنظيم، وهذه التجربة أثبتت فشلها في السابق.
فالجيش الأميركي بعدته وعديده لم يستطع السيطرة على مناطق الانبار والموصل وغيرها من المدن، إلا عندما تحاور مع العشائر في هذه المناطق وسمع مطالبها، والتي على اثرها تم تشكيل قوات الصحوات لكي تقاتل التنظيمات المتطرفة في العراق، وقد تم القضاء عليها بفعل هذه القوات، ولكن عندما استتب الأمن حل هذه التنظيمات رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، وتم اقصاؤهم عن المشهد السياسي العراقي! فكانت النتيجة سقوط المدن الواحدة تلو الأخرى في يد «داعش».
وهُنا يبرز الخلاف بين أميركا وبغداد، فالسفير الأميركي في بغداد عندما اجتمع مع شيوخ العشائر في كردستان العراقية كان مطلبهم أن يكون التسليح مباشراً بين الولايات المتحدة وعشائر هذه المنطقة من دون المرور بالحكومة المركزية في بغداد، حتى لا يتكرر ما حدث لهم في عهد المالكي بالسابق «ويجري الآن إعداد قانون في الكونغرس الأميركي لتحقيق هذا الطلب»، ورئيس الوزراء العراقي يعارض هذا التوجه!
لذلك، كان تصريح البيت الأبيض بعد سقوط الرمادي بأنهم سوف يدعمون بقوة حشد شعبي «متعددة الطوائف» لاستعادة الرمادي، وهو تصريح ينُمّ عن فهم للواقع العراقي، فــ «داعش» الذي يرفع شعارات طائفية لا يحارب بقوات ترفع شعارات طائفية كذلك! فهو يحارب من داخل بيئته الحاضنة وبشعارات وطنية جامعة.
وحتى تتفق الرؤى لمعالجة تنظيم داعش سوف يكون المواطن العراقي، وللأسف هو الضحية!