تتميز أشهر السنة الميلادية، او الغريغورية، والتي تماثلها عددا وترتيبا الأشهر السريانية، كتشرين وأيار ونيسان، عن الأشهر العربية أو الإسلامية، بكون كل شهر منها له طعم ولون ورائحة، بعكس الاشهر العربية، باستثناء شهر رمضان، التي تأتي في فصول تختلف من سنة لأخرى.. وبالتالي يصعب أن تكتسب هذه الأشهر سمة محددة تتعلق بقدوم فاكهة ما أو حلول طقس بارد او حار، لأنها اشهر تتبع القمر، وليست شمسية، وبالتالي يأتي محرم مثلا في سنة شديد البرودة، وبعد عقود قليلة يعود بحرارة شديدة. وعلى الرغم من أننا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، لكنها غير معروفة، فإننا نتبع ثلاث تسميات أو أكثر لأشهر السنة. فالسعودية مثلا تتبع التقويم الهجري، وتورده على مستنداتها، وأحيانا تذكر الشهر الميلادي معه. أما دول الخليج الأخرى فغالبا ما تستخدم الميلادي فقط، وفي أحيان قليلة تورد المصادف الهجري. أما لبنان وسوريا والعراق فإن اشهرها سريانية التسمية، أما المغرب والجزائر وتونس فتتبع التسمية الميلادية، ولكن بلفظ فرنسي غالبا. وهناك حالات أخرى ولكن غير مهمة.
تنتشر تسمية الأشهر السريانية، كما ذكرنا، في سوريا ولبنان والعراق، وتشتهر معها أقوال وامثال تعود الى طبيعة كل شهر. فتشرين الأول، هو أكتوبر، وتشرين الثاني هو نوفمبر، ويقال بين تشرين وتشرين صيف ثان، وهذا صحيح غالبا. أما ديسمبر فهو كانون الأول، ولكن الشهر الأول من السنة، أي يناير يسمى بكانون الثاني، وهو الشهر الذي يبدأ فيه استخدام «الكوانين»، اي الدفايات. كما يكون نيسان، او أبريل، بداية الربيع وتفتح الورد والأزهار، ويستمر اعتدال الطقس في بلاد الشام اثناء الشهر التالي، الحالي، ايار، والأمثلة التي ترتبط بهذا الشهر أو بغيره كثيرة، فيقال: في أيار احمل منجلك وغار، في أيار يطلع المشمش والخيار، أو في أيار توت ومشمش وخيار، وأيار شهر الرياحين والأزهار، وفي أيار نام على سطح الدار. والحقيقة، ومن واقع تجربة شخصية تمتد لأكثر من ستين عاما، فإن أفضل وقت لقضاء العطلة في لبنان هو شهر ايار، حيث الطقس، خاصة خارج المدن الساحلية، لا هو بالبارد، ولا بالحار، وتكون فيه النسمات عطرة خفيفة. ويحلو النوم فيه بنوافذ مفتوحة أو حتى مغلقة، وتجلس في الخارج ببدلة أو بقميص، لا فرق. ويقال ان الفنان محمد عبد الوهاب كان دائما يحرص على الحضور الى لبنان في شهر ايار ليستمتع بنسماته وفواكه الموسم، وأهمها الاكدنيا.
هذا العام، بخلاف كل عام، سنبقى خلال «ايار» بأكمله في الكويت، بعد ما «مصخناها» بترحالنا المستمر.