حبس مسلم البراك أو حمد النقي أو غيرهما في قضايا متعلقة بتعبير لفظي أو مكتوب هو مجرد نتيجة لسبب صنعه المشرعون بأنفسهم، وأحدهم البراك وغيره من مشرعين لا أستثني منهم أحداً على مر التاريخ البرلماني الكويتي.
فالقوانين التي تحدد عقوبات تجاوز القانون بالتعبير هي من صنع المشرّع، ولن يستطيع أي قاض تجاوزها- أي العقوبات- في حال ثبوت ارتكاب المتهم للمخالفة القانونية حسبما يراها القاضي، وهو ما يعني أن عقوبة الحبس على التعبير لا علاقة للقاضي بتحديدها، بل هي من صنع مجالس الأمة المتعاقبة التي إما أن تكون قد شرعتها أو تغاضت عنها أو عززتها في بعض الأحيان أيضا.
ولنا في تشريع قانون إعدام المسيء إلى الرسول- صلى الله عليه وعلى آله وسلم- خير دليل بدور المشرع في تحديد عقوبات التعبير، بل تغليظها لتصل إلى الإعدام حتى إن كان الجرم جملة كتبت في "تويتر"، وهو ما قام عليه قانون إعدام المسيء أصلا، ومن المفارقات أن كثيراً من المتباكين اليوم على حرية التعبير هم أنفسهم من شرعوا تلك القوانين، ومنهم مسلم البراك نفسه، أو أيدوا مشرعي تلك القوانين بقوة وما زالوا كذلك.
نعم لمعاقبة أي مسيء وأي متجاوز لنصوص الدستور في الأمور المتعلقة بالتعبير، فأنا لا أدعو أبداً لأن تلغى عقوبات من يشتم أو يتعدى على الآخرين، ولكن من غير المعقول أو المقبول أن يكون حبس الجسد هو عقوبة من يعبر بطريقة أو بأخرى عن فكرة، فالفكرة كما أكرر مراراً لا تسجن ولا يمكن أن تسجن، بل ستظل في الأذهان وإن حبس الجسد، لذلك فإن البديل الطبيعي لعقوبة الحبس هو الغرامات المالية، حتى إن كانت كبيرة جدا كي لا يستسهل المخالف مسألة الإساءة أو يتمادى فيها.
بهذه الطريقة نكون قد حققنا الهدف المنشود من التشريعات التي تقنن حق التعبير بشكل يضمن للمساء إليه، سواء كان فرداً أو جهة، أن مسألة الإساءة في التعبير تجاهه لن تمر مرور الكرام، وحققنا الضمانة أيضا لأي شخص يعبر لفظا أو كتابة بأنه لا يحبس بجرم ندوة أو "تويت".
مجدداً الأفكار، حتى إن كانت سيئة، لا يمكن أن تسجن، وعقوبة السجن لا تؤثر في الفكرة، ولا بد من تشريع يستوعب هذا الأمر، ويحدد العقوبة بناء على الجرم دون مبالغة أو إساءة استخدام، هذا ما يتوجب على الجميع الدفع تجاهه، وتجنب أسلوب رد الفعل والامتعاض المؤقت، فيوم مع البراك وآخر مع النقي وثالث مع غيرهما من أسماء.
خارج نطاق التغطية:
يفترض أن المجلس الحالي أقر ما يسمى بهيئة النقل المعنية بالطرق وتحديثها وأنظمتها، إلا أن "الداخلية" ما زالت تتحكم في الطرق، وتفاجئنا بتخبط تلو الآخر، وما السماح لقائدي المركبات باستخدام كتف الطريق إلا تخبط جديد يضاف إلى رصيد "الداخلية"، فمتى ستمارس هيئة النقل دورها وتفرض إدارتها على الطرق؟