بيّنت الأزمة التي سيتسبب بها وزير النفط، الممثل للتيار السلفي في الحكومة، في الأيام القليلة المقبلة، مدى هشاشة النظام الحكومي. فتهديده بالاستقالة، إن لم تلبّ. مطالبه بتغيير القيادات النفطية مؤشر واضح على ذلك. وإن خضعت الحكومة له فإن ذلك سيعرّض حتماً موردنا الأساسي والوحيد للخطر، وسيشجع غيره من الوزراء مستقبلاً على التصرف بهذه الطريقة، وليس ربما وفقاً للمصلحة العامة.
قد يجد الوزير العمير، ربما، من هم بمثل كفاءة القيادات الحالية في النفط، ولكنه هنا حتماً ليس في وارد استبدال الجيد بمن هو أفضل، بل هو معني أساساً ربما بتعيين المحسوبين عليه انتخابياً كما يتردد إعلامياً، وهؤلاء ليسوا بالضرورة أفضل من غيرهم، إن لم يكونوا قليلي الكفاءة، بعد أن رفض الوزير تزويد المجلس الأعلى حتى بسيرهم الذاتية. وبالتالي سيدفع سكان الكويت، الأربعة ملايين من مواطنين ومقيمين، ثمن طموحات الوزير السياسية، وقراراته العشوائية، وربما رغباته في تصفية حساباته مع من وقفوا ضد تطلعاته الانتخابية. ونتمنى أن يكون ما قيل عن حصوله على دعم من رئيس الحكومة غير صحيح، وإن صح فسيكون كارثة أكبر.
لقد حدثت كوارث نفطية وخسائر في قطاع النفط في الفترة الأخيرة، وأثناء تولي العمير الوزير منصبه، خسرت الكويت نتيجة لها ولأخطاء تفاوضية نسبة خطيرة من إنتاجها النفطي بعد توقف شركات إنتاج النفط العاملة في المناطق المقسومة بيننا وبين السعودية عن العمل. إن الفشل في استمرار التفاوض مع شركائنا، أو مع الشركات النفطية العاملة في المناطق المقسومة، بغية التوصّل إلى اتفاق ما، فشل يُحسب على وزير النفط، وهو خطأ سياسي وليس فنياً، فهو المعني مباشرة بتلك الخسارة، وبالتالي بدلاً من مطالبته بالاستقالة، لرفضه تحمّل مسؤولية ما تعرضنا له من خسائر دخل كبيرة، قمنا بالرضوخ لضغوطه السياسية.
نضم صوتنا لصوت من سبقنا، والمطالبة بوقف هذا الضعف، وليستقل الوزير، إن شاء ذلك، ولتبقَ الكويت لنا جميعاً.