ولد هنري ديترنك Henri Wilhelm August Deterding عام 1866، وكان من أوائل مديري شركة رويال دتش بتروليوم، ورئيسها لـ36 عاما، إضافة لرئاسته لرويال دتش بعد دمجها بشركة «شل أويل». بسبب شهرته في عالم النفط لقب بـ «نابليون النفط»، وكان له دور كبير في تطوير ناقلات النفط العملاقة، ولكن حياته اتخذت منحى سلبيا، وأجبر على الاستقالة، بعد ان ابدى تعاطفا مع ألمانيا النازية، في أول ظهورها.
يقال انه قام بصناعة عشرات آلاف الفوانيس التي تستخدم النفط في الإنارة من النوع البسيط، والذي لا يزال يستخدم في الكويت وغيرها، ويسمى بسراج «الزهيوي» ربما بسبب شكله الذي يشبه الصرصار، وقام بنقلها للمناطق الساحلية في الصين القريبة من منطقة إنتاج النفط في اندونيسيا، وأهداها مجانا لسكان تلك المناطق، وأن تلك المصابيح قلبت حياتهم رأسا على عقب واطالت يومهم، ودفعتهم لمزيد من السهر والدراسة والعمل، مما أثار اعجابهم الشديد به، ولكن سرعان ما نضبت تلك الفوانيس من الوقود، وعادت حياتهم لسابق عهدها، وهو أمر لم يقبلوا به، وبالتالي اضطروا لشراء الوقود منه، فحقق ثروة كبيرة من وراء ذلك، بعد ان خلق سوقا هائلة لمنتجات شركته.
تذكرت تلك الحكاية بعد أن أهداني صديق قلم حبر فاخرا قبل سنة تقريبا، تقديرا لما أكتب، وربما لو كان يعرف أنني استخدم لوحة الكمبيوتر لأهداني جهاز «لابتوب» بدلا من قلم.
المهم أن حبر ذلك القلم سرعان ما نشف فقمت بشراء عبوة refill جديدة، ولكن ثمنها كان مرتفعا، ربما بسبب ارتفاع ثمن القلم نفسه. العبوة الجديدة لم تعمر طويلا، بعد ان نسيت القلم في الشمس بضعة ايام فنشف الحبر منه، فقمت بشراء عبوة جديدة، وهكذا وتبين لي بعد سنة انني اصبحت مدمنا على استخدام ذلك القلم، ولكن انتهى الحال بي لصرف اكثر من خمسين دولارا على شراء عبوات، يعني أن القلم «طلع علينا أغلى من بيع السوق»، واكتشفت أنني أصبحت مثل أولئك الصينيين الذين سعدوا في البداية بهدية ديترنك من الفوانيس المجانية، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا ان إعادة تعبئتها لا تقل كثيرا عن ثمنها، وأن الهدية لم تكن رخيصة او سهلة.
ملاحظة:
كتبت هذا المقال قبل شهر تقريبا، وعلم الصديق الذي اهداني القلم بأمره، فتلاحق الوضع، وقام بإهدائي نصف «درزن» من العبوات، أو الـ Refill، ربما لشراء صمتي، ولكن اغراء النشر تغلب في النهاية.