تتجه الأنظار نحو القمة الأميركية-الخليجية المرتقبة في كامب ديفيد وسط توقعات متفاوتة وسيناريوهات متعددة بسبب الأوضاع المتغيرة بشكل سريع في المنطقة من جهة، ونقاط الاتفاق والاختلاف بين إدارة أوباما وحكومات دول الخليج من جهة أخرى، وقد لا تخلو هذه القمة من مفاجآت بدأت ملامحها بإنابة الملك سلمان بن عبدالعزيز ولي عهده لحضور اللقاء، رغم تحديد لقاء ثنائي بين أوباما وخادم الحرمين يسبق الاجتماع المشترك.
المثلث (الإيراني، اليمني، السوري) بالتأكيد سيكون محور المناقشات، ولو كانت الحرب في اليمن هي الأولوية الحالية خصوصاً بعد استمرارها للشهر الثاني دونما نتائج حقيقية على الأرض، بل انتقال القتال إلى داخل الأراضي السعودية، وضعف الجبهة المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وبدء الانتقادات الدولية بسبب سقوط ضحايا من المدنيين، وتفاقم المآسي الإنسانية في عموم اليمن.
هناك من يربط إعلان السعودية الهدنة الإنسانية وسريانها قبيل قمة كامب ديفيد بمحاولة الخروج من الحرب تدريجياً لعدم قناعة الأميركيين بجدواها، وهذا السيناريو قد يكون محرجاً جداً للتحالف الخليجي ومحاولة أميركية لإيصال رسالة مفادها أن الولايات المتحدة هي الملجأ الأول والأخير للحلفاء الخليجيين، وتبديد المخاوف من أي اتفاق نووي مع إيران، وتفاقم خطر الأخيرة على دول مجلس التعاون، ومن هذا المنظور يرى بعض المحللين أن الأميركيين سيضغطون على الدول النفطية لإبرام اتفاقيات تسليحية ضخمة تقدر بمئات المليارات من الدولارات، وخصوصاً منظومة الدرع الصاروخي الجديد، فالإدارة الأميركية بدأت تستشعر الغضب الخليجي تجاهها وفتح المجال أمام الفرنسيين والبريطانيين لمشاريع عسكرية واستثمارية ضخمة جداً، ولهذا لا ترغب واشنطن في خسارة هذه المصالح المهمة رغم تغيّر أولوياتها وسياستها الخارجية في المنطقة.
لعل تلميحات أوباما المباشرة لدول الخليج بضرورة عمل المزيد على مستوى التدخل المباشر في سورية تصب في هذا الإطار أيضاً، فالأميركيون لم يعودوا يريدون الدخول في حروب شرق أوسطية بأنفسهم إنما يحرضون الآخرين عليها، وسورية بالنسبة إليهم آخر معاقل المواجهة مع إسرائيل، وعندما يؤمّن هذا الجانب يمكنهم تطبيق استراتيجيتهم الجديدة في المنطقة بما في ذلك التفاهم مع إيران، والسياسة الأميركية عبر الحرب بالوكالة تكسبها سياسياً من جهتين، ففي الانتصار تكون هي الشريك المستفيد وتمنّ أنها من قدمت الدعم اللوجستي والاستخباراتي، وفي حالة الفشل تتنصل وتقول إنها مع الحلول السياسية، وهذه السياسة التي تتبعها إدارة أوباما ويهندسها وزير الخارجية جون كيري حالياً في اليمن.
ورقة الضغط الأميركية الأخرى هي الدفع باتجاه الإصلاحات الداخلية في دول الخليج، وقد تحدث أوباما أيضاً وبصراحة عن التوظيف والسكن والخدمات خصوصاً لفئة الشباب، وهذه المطالب تستوجب مبالغ ضخمة تستثمر في البنى التحتية والاستثمار وخلق فرص عمل، وهي بالتالي بوابة جديدة للمال والأعمال للشركات الأميركية.
باختصار قمة كامب ديفيد سوف تكون خريطة طريق لمستقبل السياسة الأميركية في الخليج وربما الشرق الأوسط، مفتاحها المال الخليجي سواءً بالعسكرة المتزايدة أو المشاريع الاقتصادية دون أن تكبد واشنطن نفسها عناء الحروب بأبنائها أو بأموال ضرائب الشعب الأميركي!