ثلاث تجارات لن تبور: المتاجرة بالدين، المتاجرة بالأمل، والمتاجرة بالجنس.
لا يكاد يمر شهر، وغالبا وأنا في الخارج، دون أن تردني مكالمة أو أكثر تعرض المتصلة فيها، وهي دائما فتاة ذات صوت يقطر نعومة، تعرض، بعد «السلالالام عليكم» بيع نسخ من القرآن، أو إهداء نسخة منه لمن أحب. ويبدو أن جعبة مستغلي الدين للإثراء لن تنضب أبدا، ففي كل يوم لهم حيلة، طالما أن هناك جهلة. وقد ذكرتني هذه العروض بأحداث فيلم «بيبر مون Paper moon» لريان أونيل وابنته تاتوم، حيث يقوم بطل الفيلم بتتبع أخبار وفيات المنطقة، وطباعة اسم اي رجل متوفى على نسخ من الإنجيل، في المطبعة الموجودة في مركبته، ثم يقوم بزيارة بيت الأرملة، طالبا مقابلة زوجها، فتخبره هذه بوفاته وتسأله عما يريد، فيعتذر بأسف ويهم بالمغادرة، لتناديه طالبة منه أن يعلمها سبب قدومه، فيقول لها ان زوجها قام قبل فترة بطلب طباعة نسخة خاصة من الكتاب المقدس تحمل اسمها مع إهدائه الشخصي لها! تنطلي الحيلة هنا على الأرملة المسكينة، وتدفع له ما طلب، والدموع تملأ عينيها، امتنانا!
كما ذكرتني تلك المكالمات بالبروشورات التي كان يطبعها ويوزعها «ع. ا»، التي سبق وأن تطرقنا لها، والتي روج من خلالها لمشروع بناء عشرات آلاف المساكن في قرى أندونيسيا النائية. وقد نجح «ع» في جمع ثروة، بعد أن أوهم الكثيرين، ومنهم شخصيات رسمية عالية وجمعيات خيرية، بفكرته الوهمية، ولكن في النهاية تبخر المشروع، وتبخرت أموال المتبرعين معه.
كما لا ننسى مشروع إخونجي «أ. ق» الذي جمع الكثير من ريع بيعها، وما تسبب فيه من استقطاعه نسبة منها تطبيقا لقاعدة «والقائمين عليها» في وقوع القطيعة بينه وبين حزبه السياسي الديني. وسبق أن كتبنا عن الملايين التي تجمعت بحسابه، والتي أخبرنا بها مسؤول كبير في أمن الدولة! وايضا قلل هذا الشخص من وجوده تحت الأضواء، ربما ليستمتع بما جمع.
وفي هذه العجالة لا بد من سرد شيء عن الداعية {ع . خ} الذي ابتعد أيضا مؤخرا عن الأضواء، والذي اصبح يعيش حياة فاحشي الثراء، بفضل ما أغدق عليه بعض اغنياء، أو اغبياء الخليج، من أموال. وكانت مقالات نقد ما كان يذكره من خرافات في «خطبه» سببا في أول احتكاك لي برئاسة تحرير القبس، بعد ان اتصلت أكثر من سيدة ذات نفوذ، معارضة نشر أي نقد لتلك الشخصية «الفلتة».
المجال ضيق، وليس بإمكاني سرد تاريخ كل داعية ورجل دين سبق وان كتبت عنه منتقدا، ولكن الأيام أثبتت أنني كنت محقا في نقدي لكل واحد منهم، فجميعهم تقريبا استغلوا الدين لمصلحتهم، ثم تواروا عن الأنظار لسبب أو آخر.