كما بينا يوم امس، ليست هناك مشكلة كبيرة او مؤكدة، عندما تحل الحكومة مجلس جمعية اهلية. فربما ــ وهذه مجرد ترضية لا داعي لها للحكومة ـــ يكون القرار ضروريا، وربما يكون صائبا. لكن ان تتطوع الحكومة فتحل مجلس جمعية منتخبا، مثل وربما افضل من مجلسها هي (مجلس الامة)، فان احدا لا يمكن الا وان يرى في ذلك تجاوزا وتحيزا وتعسفا لا مبرر لها.
مجلس الجمعية الذي حلته الحكومة منتخب انتخابا شرعيا، ولو في الظاهر من قبل اعضاء الجمعية العمومية. لهذا فان اعضاء الجمعية العمومية والمنتسبين للجمعية وحدهم يحق لهم محاسبة أعضاء المجلس وإصدار الاحكام عليهم.
المجتمعات الانسانية تتطور وتتقدم. لأن هناك آراء متعددة، وأحلاما مختلفة. تتصارع وتتنافس هذه الآراء والاحلام في أجواء ديموقراطية حرة. لا يختار الناس فيها من يريدون وحسب، فهذا يبقى «انتخابا»، قد يصيب وقد يخطئ. وهو تماما ما كنا نفعله برلمانيا في السنوات والعقود الاخيرة. فقد كان الناس يختارون في الغالب الاسوأ مع الاسف. وسوء الاختيار ليس عائدا للجهل.. او على الاقل ليس للجهل وحده. ولكنه عائد اساسا الى التعتيم، والى الحرص الحكومي والاجتماعي على تقييد وتحييد ارادة الناس. والابقاء على هذه الارادة رهن البدائية والتوافق التام والقدرات «الحكومية» المتواضعة.
الناس.. كانوا يختارون «عمياني»، وذاك بسبب غياب المؤسسات الديموقراطية، وهيمنة المؤسسات التقليدية على الوعي والاعلام في المجتمع. مؤسسات وبنى المجتمع التقليدية هي التي كانت تحكم وتحدد وتزكي المرشحين. السطوة كانت للقبيلة وللعائلة وللمسجد وللديوانية وغيرها من مؤسسات تقليدية، في ظل غياب تام للوسائل الاعلامية الحرة والمؤسست او المنظمات الاهلية، سواء احزابا او جميعات اهلية نشطة، التي هي اساس وعماد الصراع والاختلاف الديموقراطي.
في التسويق، لدينا الاعلانات التجارية التي تتولى تقديم المنتجات واقناع الناس بها. بدون هذه الاعلانات سيبقى المستهلك مجبرا على مواصلة اختيار ما تعود عليه، وما اختاره آباؤه واجداده من قديم وتراثي، قد يكون وقد لا يكون افضل ما يناسبه، ويلبي احتياجات المجتمع الحالي الذي يعيش فيه. هذا الى حد ما هو دور المؤسسات المدنية في المجتمع الديموقراطي.
المساعدة في خلق الرأي العام ووضع الحقائق والوقائع امام وفي متناول المواطن.
حكومتنا تطورت مع الاسف. فبعد ان كانت تتولى كبت ومحاصرة المؤسسات المدنية، هي اليوم تتولى امرها مباشرة، فتحل وتربط فيها.