حكمت محكمة النقض المصرية، وهي أعلى سلطة قضائية، على القيادي السلفي حازم أبو إسماعيل بالسجن سبع سنوات بتهمة تزوير مستندات رسمية تتعلق بجنسية والدته، وذلك أثناء تقديم ترشيحه للانتخابات الرئاسية عام 2012، بعد الثورة التي أطاحت بحسني مبارك. وكان أبو إسماعيل في تلك المرحلة اشهر قادة السلف، ونهايته كقائد ديني سلفي وسياسي قد انتهت تماما بصدور الحكم بسجنه.
تعتبر الحياة الشخصية والسياسية لحازم أبو إسماعيل مثالا على مدى استعداد الكثير من الدعاة للجري وراء التافه من الأمور، واستغلال الدين للوصول الى المناصب الدينية والمدنية، وكاد تاريخ مصر والمنطقة أن يتغير بشكل عنيف على يد هذا الرجل لو نجح وأصبح رئيسا لمصر، وكاد أن يحدث ذلك، بسبب التأييد الشعبي الكاسح الذي كان يتمتع به، هذا بخلاف التأييد المؤسسي الديني الذي كان يقف خلفه.
وقد بدأت حياة أبو إسماعيل كداعية يبحث عن الشهرة، حتى ولو كانت فارغة، لكنها كانت مؤثرة خاصة بين الجهلة الذين كانوا يصدقون فتاواه الغريبة وقصصه الخرافية التي سبق وان كتبنا عنها، ومنها تحريمه تناول شراب البيبسي المرطب لأن معاني الأحرف المكونة لـ Pepsi تعني: «ادفع كل بني Penny لدولة إسرائيل»، وهي القصة السخيفة التي كانت بداية سقوطه المدوي، بعد انكشاف تزويره في أوراق ترشيحه لرئاسة الجمهورية المصرية!
إن تحول هذا الرجل من داعية يلبس ملابس غريبة وبلحية طويلة وكثة إلى رجل عصري، وربطة عنق ولحية أقصر بكثير، لزوم الترشيح لمنصب الرئيس، كشفت خواءه، هو وأمثاله من الدعاة الذين أفسدوا الحياة الدنيوية السياسية بعد ان فشلوا في مهامهم الدعوية الأخروية.
ما حدث مع هذا الرجل وأمثاله، وهو أمر غير مثير للاستغراب فقط بل وللاستهجان، وحدث ما يماثله في وزارة الأوقاف الكويتية، ومركز الوسطية بالذات، الذي سيطرت عليه حركة الإخوان المسلمين، وعينت فيه بعض كبار القادة والدعاة الدينيين، مما أدى ربما لتعرض ميزانيته الضخمة للنهب. كما بينت تقارير اللجنة، التي شكلها وزير الأوقاف والعدل المستنير، السيد يعقوب الصانع، مؤخرا، صحة ما كنا نكرر قوله على مدى سنوات عن شبهة تجاوزات هذا المركز المالية وحتى الأدبية والأخلاقية، وكيف أن بعض «قادته» لم يراعوا حتى الألقاب الدينية التي كانوا يحملونها، ولم يكتفوا بنهب موجوداته، بل اخرجوه من أهدافه باتجاه معاكس تماما والدعوة للخروج والتحريض، وبث الفرقة الطائفية وتشجيع التطرف الديني.