في الواقع انني من أشد المتحمسين لتنظيم العمل الطلابي في الجامعات بالداخل والخارج الذي يمارس منذ عقود ولكن في منأى عن المنظومة القانونية للدولة، فكل هذه التنظيمات الطلابية العاملة داخل الوطن وخارجه تمارس عملها خارج الإطار القانوني للدولة، بالرغم من اعتراف القيادات السياسية في الدولة بها وتقديم الدعم المالي لها واستقبالها والتحاور معها، وهذا وضع شاذ جعل العمل الطلابي يقع فريسة للتيارات السياسية التي أخرجته من عمل لخدمة الطلاب وصقلهم سياسيا وعمليا لخدمة الوطن والمجتمع، إلى احتكار كل أعمال الطلبة وجهودهم لخدمة هذه الأحزاب.
كما أنني من أشد المتحمسين لإدراج الصوت الواحد في كل عملية انتخابية من اجل إشراك كل الفئات الموجودة في أي مجال لدخول مجالس الإدارة لتتمثل فيه، وليكون المجلس معبرا عن كل منتسبي الجمعية العمومية.. ففرحت بمشروع القانون الذي قيل إنه جاء لإقرار الصوت الواحد في انتخابات الاتحادات الطلابية.
ولكنني ما إن قرأت نصوص هذا المشروع حتى وجدت فيه العجب العجاب، فهذا المقترح يحظر بل ويعاقب بحل الاتحاد والسجن كل من يتحدث أو ينطق بالشأن السياسي للبلد؟ ويحظر ممارسة العمل الطلابي على الطلاب الذين تقل سنهم عن 21 سنة، علما أن معدل سن التخرج في الجامعة هي 22 سنة وأحيانا كثيرة 21 سنة
والحقيقة أن العمل السياسي متاح لكل مواطن، وحقه في إبداء رأيه السياسي مكفول وفق الدستور والقانون، وهذا ما سيوفر مطعنا دستوريا على مشروع القانون حتى وان تم تمريره في مجلس الأمة، كما أن مشروع القانون لم يرسم الخط الفاصل بين ما هو سياسي مجرم، وما هو غير سياسي ومباح وفق المشروع، ذلك أن مطالبة أي اتحاد للطلبة «مثلا» بتوفير مواقف لسيارات الطلبة هل هو شأن سياسي أم طلابي؟ وهل ممارسة الطالب الذي بلغ من العمر 21 عاما لحقوقه الانتخابية «السياسية» مخالفة لمشروع القانون المقترح؟ وأبعد من هذا وذاك هل حضور الطلبة لمجلس الأمة للمشاركة في البرلمان الطلابي الذي اعتادت رئاسات مجلس الأمة المتعاقبة دعوة الطلبة إليه، والحديث في الشأن السياسي الوطني في قاعة عبدالله السالم، يعتبر مخالفة لمشروع القانون تستوجب حل الاتحاد وسجن المشاركين فيه لثلاث سنوات وغرامات بآلاف الدنانير على الطلبة؟ بل هل يعتبر مشروع القانون استقبال اتحادات الطلبة بالخارج لرموز البلد السياسية فعلا يستوجب حل الاتحاد وسجن الطلبة الذين شاركوا في هذا الاستقبال؟
والحقيقة انني فرحت واستبشرت بهذا المشروع عندما قيل إنه جاء لتنظيم الاتحادات الطلابية وإقرار الصوت الواحد في انتخاباتها، ولكنني صدمت بأن هذا المشروع ذي العنوان الجميل ما كان الا لتكميم الأفواه وتدجين أبنائنا الطلبة، وما جاء الا لتدمير العمل الطلابي بل ووقفه عمليا، وهذا ما يجعلني ومعي الكثيرون نرفضه جملة وتفصيلا… فهل من مدكر؟
آخر مقالات الكاتب:
- قوافل اللاجئين صنيعة الغرب وعليه حلها
- روسيا ستنجز ما عجزت عنه أميركا..
- غداً ذكرى عزيزة للكويت وأهلها..
- بعد التجميد.. الحكومة تصفي الأوفست؟!
- روسيا.. الذهاب إليها متأخراً خير أيضاً
- «حماس» شرطي إسرائيل في غزة
- العبادي بدعم الشعب سيسحق الفساد
- سلمت عين الأمن الساهرة
- فزعة العراقيين على الفساد والفاسدين..
- إجرام الطالح علي عبدالله صالح